ترامب يهاجم بوتين ويشيد ببريطانيا في مؤتمر صحفي مع ستارمر

في مؤتمر صحفي مشترك بلندن جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، تصدّرت الحرب في أوكرانيا وموقف موسكو العناوين الأبرز. فبينما اتهم ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ”خيانته” ومنعه من تحقيق تقدم نحو تسوية سلام محتملة بين كييف وموسكو، أبدى دعمه الكبير لبريطانيا وأشاد بالأسرة المالكة. الزيارة التي استمرت يومين حملت أبعادًا سياسية ورمزية، حيث سعى كل من ترامب وستارمر إلى إظهار متانة العلاقات الثنائية، وسط قضايا شائكة كملف الهجرة غير النظامية، الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والضغوط الدولية لعزل روسيا. المؤتمر، الذي امتد لساعة كاملة، شكّل محطة بارزة في الزيارة الرسمية التي رافقتها مظاهر احتفاء ملكي ورسائل سياسية متباينة.
ترامب: “بوتين خذلني”
وجّه ترامب انتقادات حادة للرئيس الروسي، قائلاً إن بوتين “يقتل الكثير من الناس” وإن معدلات خسائر الجيش الروسي تفوق نظيره الأوكراني. وأضاف أن علاقته السابقة ببوتين كانت لتتيح فرصة سهلة للتوصل إلى هدنة، “لكن بوتين خذلني، لقد خذلني حقًا”، على حد تعبيره. تصريحات ترامب لاقت صدى إيجابيًا لدى المسؤولين البريطانيين الذين سعوا خلال هذه الزيارة إلى تكريس عزلة موسكو على الساحة الدولية، معتبرين أن مواقف الرئيس الأمريكي قد تدعم الجهود الغربية لزيادة الضغوط على الكرملين.

إشادة بالأسرة المالكة وبريطانيا
حرص ترامب على إنهاء زيارته الرسمية بكلمات ودية تجاه لندن والعائلة المالكة. فقد أعرب عن امتنانه الكبير لحفاوة الاستقبال الذي حظي به في قلعة وندسور، مثنيًا على الملك تشارلز والملكة كاميلا ووصفهما بـ”شخصيتين رائعتين”. كما وصف بريطانيا بأنها “جزر رائعة وجميلة”، في محاولة لإظهار عمق الروابط التاريخية بين البلدين. وفي مشهد رمزي، تابع الرئيس الأمريكي عروضًا عسكرية مميزة، بينها هبوط فرقة المظليين “ريد ديفلز” على عشب مقر إقامة رئيس الوزراء في تشيكرز.
تصريحات مثيرة للجدل
لم يخلُ المؤتمر من لحظات جدلية؛ إذ نصح ترامب رئيس الوزراء البريطاني باستخدام الجيش للتصدي للهجرة غير النظامية عبر القوارب الصغيرة، معتبراً أن هذه الظاهرة “تدمر الدول من الداخل”. كما وجّه انتقادات لاذعة لمصادر عدة، بينها الطاقة الريحية التي وصفها بأنها “مزحة مكلفة”، والمذيع الأمريكي جيمي كيميل الذي اعتبره “شخصًا بلا موهبة”. وفي المقابل، تفادى ترامب الدخول في نقاشات محرجة تتعلق بحرية التعبير في بريطانيا، رغم أسئلة مثيرة حول اعتقالات مرتبطة بنشر محتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
اختلافات محدودة حول فلسطين
فيما اتفق الزعيمان على العديد من القضايا، ظهر التباين الأوضح في مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية. فقد أعرب ترامب عن استيائه من قرار ستارمر بهذا الشأن، لكنه اكتفى بالقول إنه “أحد خلافاتنا القليلة”. هذه الملاحظة المقتضبة جنّبت المؤتمر مواجهة دبلوماسية علنية بين واشنطن ولندن، وحافظت على الطابع العام للزيارة التي ركزت بالأساس على تعزيز التعاون الثنائي ومناقشة الملفات الدولية الكبرى.
التركيز على الحرب في أوكرانيا
أبرز ما خرج به المؤتمر كان تركيز ترامب على تحميل بوتين المسؤولية المباشرة عن استمرار الحرب في أوكرانيا، بعدما كان قد حمّل سابقًا المسؤولية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وللرئيس الأمريكي السابق جو بايدن. وأكد ترامب أن بوتين “لم يكن ليتصرف بهذه الطريقة لولا ضعف القيادة الأمريكية”، في حين حاول ستارمر دفعه نحو تبني عقوبات جديدة ضد روسيا. إلا أن ترامب اكتفى بالتشديد على أهمية خفض أسعار النفط العالمية باعتبارها السبيل الأمثل لإجبار موسكو على الانسحاب من الحرب.
ختام الزيارة ورسائلها السياسية
أنهى ترامب زيارته الثانية إلى بريطانيا بجرعة عالية من الرمزية والدبلوماسية، فقدّم إشادات واسعة بالمملكة المتحدة وبالعلاقات التاريخية التي تربط البلدين، فيما حرص على إبراز مواقفه الحادة تجاه روسيا. وبينما تفادى صدامات مفتوحة مع ستارمر، ظلّت تصريحاته حول الهجرة والدولة الفلسطينية تذكيرًا بالفجوات الكامنة في الرؤى بين الطرفين. ومع ذلك، نجح رئيس الوزراء البريطاني في توجيه غضب الرئيس الأمريكي نحو بوتين، وهو ما قد يُترجم في المرحلة المقبلة إلى ضغط دولي أكبر على الكرملين.