الوكالات

“لن أقاتل”: حملة التجنيد التي أطلقها مادورو تفشل في تعبئة الفنزويليين

في مشهدٍ يعكس فتور الحماسة الشعبية، مرّت الدبابات في شوارع العاصمة الفنزويلية كراكاس وسط حضور خجول من المؤيدين، بينما بدت صفوف المتطوعين في ميليشيات الدفاع الشعبي شبه فارغة، رغم الدعوة العاجلة التي وجهها الرئيس نيكولاس مادورو للمواطنين للانضمام إلى صفوف القتال تحسبًا لأي مواجهة مع الولايات المتحدة.

تأتي هذه التعبئة بعد أن نشرت واشنطن أكبر أسطول عسكري في الكاريبي منذ ثلاثة عقود، يضم ثمانية سفن حربية بينها ثلاث مدمرات نووية وغواصة هجومية، بزعم مكافحة تهريب المخدرات، في خطوة وصفتها كاراكاس بأنها مقدمة لـ“عدوان أميركي مباشر”.

أُجبرنا على التسجيل

في أحد مراكز التجنيد في وسط كراكاس، أكد عدد من الموظفين الحكوميين أنهم أُجبروا على التسجيل قسرًا في الميليشيات.

“الأمر مجرد إجراء شكلي حتى لا نفقد وظائفنا، نحن لسنا هنا طوعًا”، قال أحد موظفي بلدية العاصمة.

وقال آخر بوضوح: “إذا اندلع نزاع فعلي، لن أقاتل.”

ورغم إعلان مادورو أن 4.5 ملايين ميليشياوي جاهزون للدفاع عن البلاد، فإن المشاهد على الأرض تُظهر إقبالًا محدودًا يقتصر على موظفي القطاع العام وبعض الموالين المتشددين، فيما ارتدى كثيرون منهم سترات رسمية وقبعات حكومية تحت شمس الظهيرة الحارقة، بينما كانت مكبرات الصوت تبث أغاني مؤيدة للرئيس.

استعراض القوة في وجه “التهديد الأميركي”

ردّت الحكومة الفنزويلية على الانتشار الأميركي بعرضٍ عسكري ضخم شمل 12 سفينة بحرية و22 طائرة مقاتلة روسية الصنع من طراز “سوخوي-30”، إلى جانب آلاف الجنود الذين نفذوا تدريبات على إطلاق صواريخ صينية وإيرانية الصنع.

وقال مادورو على شاشة التلفزيون الرسمي:

“في وجه التهديدات والحرب النفسية، تملك فنزويلا اليوم قدرة أكبر على الدفاع عن نفسها. نحن أكثر قوة ووحدة من أي وقت مضى.”

لكن محللين يرون أن هذه العروض العسكرية تهدف إلى رفع المعنويات أكثر من تعزيز القدرات القتالية الحقيقية، إذ لا تزال القوات المسلحة النظامية تعاني نقصًا في التمويل والتسليح، فيما يحاول مادورو الاعتماد على الميليشيات المدنية لتعويض ضعف المؤسسة العسكرية التقليدية.

واشنطن تصعّد الضغوط

في المقابل، تصعّد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضغوط على كاراكاس، متهمة مادورو بأنه يقود “كارتل دي لوس سوليس”، شبكة تهريب المخدرات المرتبطة بالنخبة العسكرية والسياسية الفنزويلية، ورفعت مكافأة القبض عليه إلى 50 مليون دولار.

وقال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسِث للجنود في البحر الكاريبي:

“ما تفعلونه الآن ليس تدريبًا، بل عملية حقيقية.”

في حين نشر مسؤولون أميركيون سابقون صورًا جوية لما قالوا إنها “مخابئ مادورو السرية” قرب كراكاس، في رسالة نفسية واضحة.

انقسامات داخلية وتآكل في الولاء

يرى راين بيرغ، مدير برنامج الأميركيتين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، أن ولاء الجيش النظامي هو الركيزة الأساسية لاستمرار مادورو، مشيرًا إلى أن أي تصدع داخلي “قد يجعله عرضة للهجوم في حال قررت واشنطن استهداف منشآت مرتبطة بتهريب المخدرات”.

بدورها، قالت ماريا كورينا ماتشادو، زعيمة المعارضة الحالية، إن ضعف التجاوب مع حملة التجنيد “يؤكد عزلة النظام وتآكل شعبيته”، مضيفة:

“إن اضطر مادورو إلى إنشاء ميليشيات مدنية فهذا دليل على أنه لم يعد يثق بالجيش، ومحاولته لتشكيل حركة شبه عسكرية مدنية انتهت بنتيجة محرجة.”

اقرا ايضا

تهديدات الطائرات المسيّرة… خطر عالمي يتجاوز ساحات الحرب 

نيرة احمد

نيرة أحمد صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى