عربي وعالمي

تورط معهد توني بلير في خطة مثيرة لإعادة إعمار غزة وتهجير سكانها

خطة "ريفييرا غزة" تثير الجدل بسبب دمج الإعمار بالتهجير والاستثمار السياسي

كشفت صحيفة “فاينانشال تايمز” عن تورط موظفين من معهد توني بلير في مشروع مثير للجدل يهدف إلى إعادة إعمار غزة بعد الحرب، عبر رؤية مستقبلية تحوّل القطاع إلى منطقة تجارة مزدهرة. تشمل الخطة إنشاء منتجعات فاخرة، ومناطق تصنيع ذكية، وجزر اصطناعية على نمط الإمارات، باستخدام نماذج مالية من إعداد شركة BCG العالمية. الأخطر من ذلك، أن المشروع تضمن مقترحًا بدفع أموال لحوالي نصف مليون فلسطيني مقابل مغادرة القطاع.

مشاركة معهد توني بلير: نفي رسمي وحقائق موثقة

رغم نفي معهد توني بلير (TBI) رسميًا مشاركته في إعداد العرض الأساسي، أكدت الصحيفة أن لديها وثائق داخلية ورسائل نقاش شارك فيها موظفان من المعهد. إحدى هذه الوثائق حملت عنوان “مخطط غزة الاقتصادي” وطرحت تصوّرات مثل إنشاء “ريفييرا غزة” تعتمد على تقنية البلوك تشين ومناطق حرة، لكنها لم تذكر صراحة مسألة التهجير القسري.

“مناقشة مسألة التهجير القسري”

وثيقة داخلية: الحرب فرصة “لا تحدث إلا مرة في القرن”

أظهرت إحدى الوثائق المعدّة من قبل موظف في المعهد أن الحرب في غزة وُصفت بأنها “فرصة تاريخية” لإعادة بناء القطاع من نقطة الصفر كمجتمع حديث وآمن. إلا أن هذا الطرح قوبل بانتقادات واسعة، خصوصًا أن المشروع تضمن عناصر قسرية مثل دفع الأموال مقابل التهجير، وهو ما قال المعهد إنه لا يدعمه ولا يؤيده بأي شكل.

“الحرب في غزة وُصفت بأنها “فرصة تاريخية” لإعادة بناء القطاع من نقطة الصفر كمجتمع حديث وآمن”

“الثقة الكبرى”: مشروع يخلط الاقتصاد بالتجريب السياسي

المشروع عُرف باسم “The Great Trust”، وجاء في عرض تقديمي يضم أكثر من 30 شريحة، طرحت أفكارًا مثل تأسيس صندوق استثماري يحوّل أراضي غزة إلى أصول رقمية (توكنات). واقترح أن يسلم السكان أراضيهم مقابل رموز رقمية تتيح لهم الحصول على وحدات سكنية مستقبلية. كما يهدف الصندوق إلى إدارة غزة حتى يتم نزع سلاحها وتفكيك “التطرف”.

لقاء بلير بمخططي المشروع: استماع دون مشاركة؟

توني بلير التقى في مارس الماضي بـفيل رايلي، ضابط سابق في الاستخبارات الأمريكية، وقائد عمليات صندوق “غزة الإنساني” (GHF). رغم أن المعهد أوضح أن بلير كان فقط في وضع المستمع، أكدت مصادر مطلعة للصحيفة وجود مشاركة فعلية من موظفي المعهد في مراحل مبكرة من المشروع.

اقرا ايضا:

نجوم في خطر.. فنانون سقطوا ضحية حقن التخسيس..وأحدثهم إدوارد

أزمة داخلية في شركة BCG بسبب المشروع

اعترفت شركة Boston Consulting Group (BCG) بوجود مشروع داخلي نفذه فريق صغير من المستشارين دون تفويض رسمي. الشركة فصلت اثنين من الشركاء وأكدت أن المشروع لم يكن جزءًا من أي نطاق عمل رسمي، ووصفته بأنه تم بشكل سري وغير مصرح به.

استلهام من سياسات ترامب ودول الخليج

الوثائق كشفت أن المشروع كان يستهدف جذب اهتمام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وقادة الخليج. ظهرت تسميات مثل “ريفييرا ترامب”، و”حلقة MBS”، و”طريق MBZ” في العرض، إضافة إلى اقتراح منطقة تصنيع تحمل اسم “منطقة إيلون ماسك” قرب حدود غزة لتجميع السيارات الكهربائية.

خطة تهجير جماعي مغلفة بالمحفزات الاقتصادية

أخطر عناصر المشروع تمثلت في اقتراح دفع 9000 دولار لكل فلسطيني يغادر القطاع طوعًا، بهدف تهجير ربع السكان على الأقل، دون ضمانات بالعودة. النموذج المالي قدّر الكلفة بـ5 مليارات دولار، مع تحقيق “وفر مالي” يصل إلى 23 ألف دولار لكل مهجَّر، عبر تقليل نفقات المساعدات مستقبلاً.

استخدام شعارات الشركات لإضفاء شرعية زائفة

رغم امتلاء العرض بشعارات شركات كبرى مثل Tesla وIKEA وAmazon Web Services، لم تؤكد أي من هذه الشركات علمها بالمشروع. من المرجح أن هذه الأسماء استُخدمت فقط لإضفاء شرعية مزيفة على المشروع، في محاولة لتغليف خطة إقصائية بمنطق تقني وتنموي.

بين الإعمار والاستعمار: جدل أخلاقي وسياسي

في سياق إقليمي يشمل مشاريع أخرى لإعادة إعمار غزة، مثل خطة الجامعة العربية بقيمة 53 مليار دولار، يبرز مشروع “ريفييرا غزة” كمثال صادم للخلط بين الاستثمار والتحكم السياسي. الخطة تفتح بابًا للنقاش حول أخلاقيات الإعمار، وتهدد بإعادة تكرارنماذج التدخل الاستعماري الحديث، كما شهدنا في العراق وأفغانستان.

“لإعادة إعمار غزة، مثل خطة الجامعة العربية بقيمة 53 مليار دولار، يبرز مشروع “ريفييرا غزة” كمثال صادم للخلط بين الاستثمار والتحكم السياسي”

اقرا ايضا:

ألمانيا تختبر لأول مرة قدراتها في الحرب الكهرومغناطيسية الجوية

 

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى