كيف تعيد المسيّرات الأوكرانية رسم موازين الحرب الحديثة
تقرير تحليلي | كم تكلّف بالفعل مسيّرات أوكرانيا؟

مع دخول الحرب الأوكرانية عامها الرابع، أصبحت الطائرات المسيّرة سلاحًا مركزيًا في استراتيجية كييف العسكرية، من الطائرات الرخيصة التي تستخدم على الخطوط الأمامية، إلى المنصات عالية الكلفة التي تستهدف العمق الروسي. وفي ظل حرب استنزاف طويلة المدى، لم تعد قيمة المسيّرات تُقاس فقط بقدرتها التدميرية، بل بمدى تكلفتها مقابل أثرها العملياتي. هذا التقرير يستعرض الأرقام الحقيقية خلف هذه الطائرات، وأبعادها الاستراتيجية في حرب المستقبل.
مسيّرات الخطوط الأمامية: 400 دولار فقط
أكثر المنصات انتشارًا في الترسانة الأوكرانية هي طائرات FPV الانتحارية، التي يتم التحكم بها مباشرة عبر الفيديو وتستخدم لضرب دبابات وجنود على الخطوط الأمامية. يبلغ متوسط سعر الوحدة الواحدة نحو 400 دولار فقط، ما يجعلها خيارًا مثاليًا للهجمات المتكررة ومنخفضة التكلفة.
أصبحت الطائرات المسيّرة سلاحًا مركزيًا في استراتيجية كييف العسكرية
الاعتراض الجوي بطائرات بـ5 آلاف دولار
بدأت أوكرانيا مؤخرًا بنشر طائرات مسيّرة اعتراضية ثابتة الجناح، يبلغ سعر الوحدة منها نحو 5,000 دولار. ووفقًا للخبير العسكري طاراس تشموت، فإن هذه المسيّرات تُستخدم لمواجهة تهديدات جوية، خصوصًا المسيرات الأوكرانية، مما يمثل نقلة في قدرات الدفاع الجوي الأوكراني.

المركبات الأرضية المسيّرة: 12 ألف دولار وأعلى
تُنتج شركة TENCORE الأوكرانية مركبة “تيرميت” غير المأهولة، وتبدأ أسعارها من 12,000 دولار، وقد تزيد بحسب التجهيزات المضافة مثل وحدات الاتصال أو البطاريات الإضافية أو الذخائر المخصصة. وتُستخدم هذه المركبات في عمليات الإمداد، الهندسة، والاستطلاع الأرضي.

الضربات العميقة: طائرات بـ270 ألف دولار للوحدة
بالنسبة للعمليات الاستراتيجية بعيدة المدى، تعتمد أوكرانيا على طائرات مسيّرة ثابتة الجناح يمكنها الوصول إلى العمق الروسي. وتتراوح تكلفة هذه الطائرات بين 110,000 و300,000 دولار، مع متوسط تقريبي يبلغ 270,000 دولار للطراز الأكثر استخدامًا. وتُستخدم هذه الطائرات لاستهداف البنية التحتية والمطارات ومستودعات الأسلحة خلف خطوط العدو.
مسيّرات بحرية متعددة المهام: نحو 300 ألف دولار
نجحت أوكرانيا في تطوير جيل جديد من المسيّرات البحرية، مثل MAGURA V5، التي صُممت لمهام انتحارية وهجومية وحتى للدفاع الجوي أو إطلاق طائرات جوية. متوسط تكلفة المسيّرة البحرية الواحدة يقترب من 300,000 دولار، لكنه يختلف تبعًا لتعقيد النظام وطبيعة المهمة.
أبعاد التكلفة: السلاح كرسالة استراتيجية
يؤكد مسؤولون عسكريون أوكرانيون أن هذه الطائرات لا تُستخدم فقط كوسائل تدمير، بل تُعد أدوات رمزية في “الحرب النفسية” ورسائل ردع استراتيجية، حيث تتيح لأوكرانيا إيصال الضربات إلى عمق روسيا بتكلفة منخفضة نسبيًا مقارنة بالصواريخ البالستية.
شبكة إنتاج لامركزية: من الورش إلى ساحة المعركة
اللافت في التجربة الأوكرانية هو التحول إلى إنتاج لامركزي يشمل عشرات الشركات المحلية وورش التصنيع، ما يوفر المرونة والسرعة في الإنتاج والاستجابة. ويعكس ذلك تطورًا في بنية الصناعات الدفاعية، ويمنح أوكرانيا قدرة على الابتكار السريع تحت الضغط.

فعالية لا تُقاس بالسعر فقط
على الرغم من أن الأسعار المنخفضة تُسهّل الإنتاج الكثيف، فإن الخبراء يحذرون من النظر إلى المسيّرات بوصفها سلاحًا رخيصًا فقط. فالمدى، والحمولة، والقدرة على البقاء، هي العناصر الحاسمة في تحديد قيمة المسيّرة ميدانيًا.
اقرأ أيضاً: المارينز يطوون صفحة “هورنت”: مقاتلات F-35B تكتب مستقبل التفوق الجوي الأمريكي
الخلاصة: المسيّرات ترسم مستقبل الحرب
تجربة أوكرانيا تُظهر أن المستقبل في ساحة المعركة لا تصنعه الدبابات الثقيلة وحدها، بل الأنظمة الذكية، الرشيقة، والمسيّرة. فكل دولار يُستثمر في طائرة مسيّرة قد يعادل مفعوله قذيفة مدفعية أو صاروخًا عالي الكلفة، وهو ما يغيّر حسابات الحرب التقليدية من جذورها.