طوني بلير من التقدمية إلى معارضة المناخ والعدالة الاجتماعية باسم "الواقعية."
تحوّل بلير يعكس انحيازاً متزايداً للنخب والشركات ضد القضايا المصيرية.

خرج طوني بلير هذا الأسبوع ليعلن أن سياسات “الصفر الصافي” محكوم عليها بالفشل. فرأى أن الانتقال للطاقة المتجددة لن ينجح بسبب كلفته العالية وعدم اهتمام الناس به، مؤكداً أن الحل يكمن في تقنيات مستقبلية مثل احتجاز الكربون. وبرأيه، لم يعد هناك تأييد شعبي لهذا المسار، وهو ما يبرر -حسب اعتقاده- ضرورة تغيير النهج السياسي.
موقف متناقض من “الويك” والعدالة الاجتماعية
تبنى بلير موقفًا ناقدًا لما يُعرف بالـ”ويك”، ونصح حزب العمال بالابتعاد عن خطاب الإلغاء والتركيز على ما سماه “الاعتدال الشعبي”. لكنه تجاهل أن جوهر هذا الخطاب هو السعي للعدالة والمساواة، في حين أن سجله المهني يتضمن التعاون مع أنظمة قمعية وشركات مثيرة للجدل، مما يتعارض مع القيم التقدمية.
نصيحة بلير: لا تهاجم اليمين، ساير
بلير كان من أوائل من برروا صعود اليمين الشعبوي بعد انتخابات 2023، ونصح زعيم حزب العمال بعدم مواجهته، بل الاستجابة لمطالبه. وهذا التوجه يعني عمليًا تقديم تنازلات في قضايا مثل الهجرة، وهو نهج مجرب وفاشل أثبت أنه لا يقلل من التطرف بل يعززه.
“الصفر الصافي”: قضية علمية لا تقبل التفاوض
بعكس قضايا أخرى، فإن قضية المناخ لا تحتمل حلولاً وسطية. فـ”الصفر الصافي” يعني تحقيق توازن دقيق وضروري علميًا بين الانبعاثات وامتصاص الكربون، لمنع كوارث تهدد الحضارة. وهنا، لا مجال للمساومة السياسية أو التردد.
هل تحركات بلير مدفوعة بالمال أم القناعة؟
يربط البعض مواقف بلير بدعم مالي كبير من لاري إليسون، الملياردير المرتبط بدونالد ترامب. ومع أن إليسون لا ينتمي إلى قطاع الوقود الأحفوري، فإن تمويله الكبير يثير تساؤلات حول الأجندة التقنية التي يروج لها بلير، خصوصاً أنه لا يمثل أي ناخبين لكن له تأثير كبير في السياسات العامة.
وجه قديم لسياسات قديمة
يرى البعض أن بلير لم يتغير، فهو من روج للخصخصة ومنع الرموز الدينية في حكومته، وهو اليوم يعارض السياسات البيئية متحججًا بـ”الواقعية”، تماماً كما تفعل شخصيات يمينية لا تقدم بديلاً علميًا أو عمليًا.
الخطر في هشاشة الخطاب المناخي المضاد
الخطاب المعادي للتحرك المناخي ليس قوياً، بل يبدو ضعيفًا وسطحيًا. وهذا الضعف لا يقلل من خطورته، بل يشير إلى ثقة مقلقة لدى معارضيه بأنهم لم يعودوا بحاجة لتبرير مواقفهم، وكأنهم ضمنيًا انتصروا.
لير خارج معسكر التقدميين
الحركة المناخية بحاجة لتحديد مواقفها بوضوح: طوني بلير لم يعد يمثل اليسار، بل هو جزء من تحالف الشركات والنخب التقنية. لا يمكن اعتباره زعيمًا تقدميًا، بل يجب التعامل معه كوجه جديد لتحالف قديم يعرقل التغيير الحقيقي.