جريمة مقنّعة بزي الشرطة: اعتداء عنيف على امرأة عارية تعاني من أزمة نفسية يهز أستراليا
السلطة الشرطية تتحول إلى أداة للبطش والتنكيل

في مشهد يُجسّد أسوأ انحرافات استخدام السلطة، مثل أمام القضاء الأسترالي شرطيان سابقان في نيو ساوث ويلز، بعد أن اعترفا بتنفيذ اعتداء مروّع بحق امرأة عارية كانت تعاني من نوبة ذُهانية، في واقعة أثارت موجة من الغضب العام ودعوات لإصلاح جذري داخل جهاز الشرطة.
تعود الواقعة إلى 22 يناير 2023، عندما استُدعِي الشرطيان ناثان بلاك (28 عامًا) وتيموثي تراوش (30 عامًا) في مهمة “فحص رفاهية” لسيدة تبلغ من العمر 48 عامًا وتعاني من انفصام الشخصية، في ضاحية “إيمو بلينز” غرب سيدني.
لكن ما بدأ كمهمة إنقاذ، انتهى باعتداء استمر 18 دقيقة تم توثيقه بالكامل بكاميرات الجسم، وشمل ضربًا وركلاً وسحبًا من الشعر ورشًا عشوائيًا للغاز الحارق.
كاميرات الشرطة توثق “حفلة تعذيب”
في جلسة الاستماع بالمحكمة المحلية في بينريث، عرض الادعاء العام مقطع الفيديو المصوَّر الذي يكشف تفاصيل مرعبة:
دفع الضحية إلى الشارع وهي عارية تمامًا.
ركلها في رأسها مرتين على الأقل.
سحبها من شعرها على الأرض الأسفلتية.
استخدام رذاذ الفلفل (OC spray) 6 مرات، بينها رش مباشر على وجهها وظهرها وحتى على أعضائها التناسلية.
الضحية كانت تصرخ وتبكي متوسلة: “يا الله اجعلني قوية.. أنا آسفة يا الله لأني لم أستمع إليك”.
في لحظة انهيار كامل، تبرز اللقطات لحظة مؤلمة حيث تتغوط الضحية على الطريق وعلى ساق أحد الضباط، ليجيبها الضابط بسخرية لاذعة: “اغسلي مؤخرتك القذرة النتنة”.
الادعاء وصف المشهد بأنه “لا يُحتمل”، مضيفًا أن رش الغاز على ظهر امرأة عارية ساقطة على الأرض “لا يمكن أن يكون له هدف سوى التسبب في الألم”.
ضحايا المرض النفسي.. تحت ضربات الشرطة بدل الرعاية
المرأة كانت تعاني من انفصام الشخصية وكانت قد توقفت عن تناول أدويتها، ما يُرجّح أنها كانت في حالة ذُهانية حادة. ومع ذلك، اختار الضابطان العنف بدلًا من التهدئة أو الاتصال بفريق متخصص في الصحة النفسية.
أحد الضباط، تيموثي تراوش، ظهر وهو يضحك خلال الاعتداء، فيما ناقش مع زميله احتمال استخدام الصاعق الكهربائي والعصا الطويلة. والأدهى، أن ناثان بلاك تباهى لاحقًا بما حدث، حيث أرسل مقاطع من الفيديو لزميل آخر وكتب: “اللقطات رائعة… تُظهر كيف تم سحقها تمامًا”.
اعترافات تحت الضغط.. والشرطة تتبرأ
في جلسة الاستماع، اعترف بلاك بـ7 تهم من بينها:
التسبب في أذى جسدي فعلي.
استخدام سلاح محظور بدون ترخيص.
نشر معلومات محمية.
أما تراوش، فاعترف بـ5 تهم بينها الاعتداء واستخدام سلاح محظور.
كلاهما لم يعد يعمل في شرطة نيو ساوث ويلز، لكن المحاسبة المؤسسية لا تزال غائبة حتى الآن.
العدالة متأخرة.. والمتهمة متوفاة
المرأة توفيت لاحقًا لأسباب غير متعلقة بالواقعة، بعد 18 شهرًا من الاعتداء. لكن سير القضية لا يزال مستمرًا، مع تحديد 15 يوليو موعدًا لاستكمال جلسات النطق بالحكم.
في تعقيب مباشر، قالت النائبة عن حزب الخضر والمتحدثة باسم العدالة، سو هيغينسون: “ما حدث يؤكد وجود أزمة ثقافية عميقة داخل جهاز الشرطة، تحتاج إلى إصلاح شامل واستثمار في خدمات الصحة النفسية”.
خلاصة تحليلية:
تتجاوز هذه الحادثة كونها جريمة عنف فردي؛ إنها انكشاف مؤلم لخلل ممنهج في تعامل مؤسسات الأمن مع المرضى النفسيين. ففي وقت يُفترض أن تُوجّه فيه استجابات الشرطة نحو الرعاية والدعم، تتحول إلى أدوات للبطش والتنكيل.
ومع تزايد حالات مشابهة في أنحاء مختلفة من العالم، يبقى السؤال الحرج: هل باتت السلطة الشرطية غير قابلة للمحاسبة عندما ترتدي زي “الإنقاذ”؟