صفقة التايفون بين بريطانيا وتركيا: تحالف دفاعي جديد أم تساهل مع الانتهاكات؟
الاتفاق يبرز تحوّلات في السياسة الأوروبية ويكشف أولوية الأمن على حقوق الإنسان.

في تطور مفاجئ، وافقت ألمانيا على رفع اعتراضها على صفقة بيع مقاتلات “تايفون” إلى تركيا، بعد أن كانت قد منعتها لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان. هذا التبدل في الموقف الألماني يعكس تحولاً في الأولويات، خاصة مع التغيير في القيادة السياسية في برلين وتولي المستشار الجديد فريدريش ميرتس. ويبدو أن حسابات الأمن والدفاع غلبت المعايير الحقوقية، وسط مؤشرات على شراكة تصديرية جديدة بين برلين ولندن في مجال السلاح.
تركيا تبحث عن بدائل بعد أزمة F-35
منذ استبعادها من برنامج المقاتلات الأميركية F-35، تسعى أنقرة لسد الفجوة في قواتها الجوية. صفقة “تايفون” تمثل حلاً مرحلياً، ريثما تدخل مقاتلتها المحلية “قآن” الخدمة منتصف الثلاثينيات. الطراز المتوقع شراؤه هو Tranche 4، أحد أكثر نسخ “تايفون” تقدماً، وقد يشمل ما يصل إلى 40 طائرة، مما يوفّر لتركيا قدرة هجومية ودفاعية محسّنة في الوقت الراهن.
بريطانيا بعد البريكست: تعزيز الدور الدفاعي
الصفقة تعزز موقع بريطانيا كقوة مصدّرة للسلاح في أوروبا، وتُظهر طموحها لتعزيز حضورها بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي. من خلال هذه الاتفاقية، تستثمر لندن في علاقاتها الدفاعية مع دول “جيوسياسياً مهمة”، رغم سجلها السياسي المثير للجدل، كما في حالة تركيا.
حقوق الإنسان في الظل
الملف الحقوقي التركي لم يُحل، بل تم تجاوزه لصالح حسابات استراتيجية. الحكم الأخير على رئيس بلدية إسطنبول وسجن عشرات من قيادات المعارضة يثير قلق المنظمات الحقوقية، لكن يبدو أن الحكومات الأوروبية قررت غض النظر في هذه المرحلة، بسبب أولويات الدفاع المشترك بعد حرب أوكرانيا.
الحاجة التركية العاجلة لتحديث السلاح الجوي
تركيا تواجه تحديات عسكرية عديدة، من الحدود السورية إلى بحر إيجه. تأخر تحديث الأسطول الجوي قد يخلّ بتوازن القوى، خاصة مع تقدم اليونان في صفقاتها مع فرنسا وأميركا. رغم الكلفة والتعقيدات التقنية، أنقرة مستعدة لتحديث قواتها سريعاً مهما كانت العقبات.

أوروبا تعيد رسم خريطتها الدفاعية
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، بدأت أوروبا تميل إلى بناء شراكات دفاعية أوسع، بعيداً عن الاعتماد المفرط على واشنطن. تركيا، رغم كونها شريكاً معقداً، تُعد موقعاً استراتيجياً لا يمكن تجاهله، سواء في محيط البحر الأسود أو المتوسط.
موقف أميركي حذر… لكنه مرن
رغم استمرار العقوبات الأميركية، بدأت واشنطن ترسل إشارات إلى إمكانية إعادة تقييم موقفها تجاه أنقرة. تصريحات السفير الأميركي في تركيا تشير إلى انفراجة محتملة في ملف F-35، ما قد يعيد تركيا إلى بعض برامج التسلح الغربية إذا ابتعدت عن التعاون الدفاعي مع روسيا.
صفقة “تايفون” ليست مجرد اتفاق تجاري، بل تعبير عن تحوّلات كبرى في ميزان العلاقات الدولية. أوروبا، بدافع الضرورة الأمنية، باتت تتجاوز بعض مبادئها، فيما تثبت تركيا أنها شريك لا يمكن تجاهله، رغم كل التعقيدات السياسية.
أقرأ أيضاً:
مجزرة في طابور المساعدات: 10 أطفال يُقتلون أمام مركز طبي في غزة.