تقارير التسلح

عوده الحسم من السماء: سلاح الجو الأمريكي يطلب 738مليون دولار لمضاعفة إنتاج صواريخ AIM_120 في ظل احتدام المواجهات العالمية

"تعزيز القوة الجوية: سلاح الجو الأمريكي يضاعف إنتاج صواريخ AIM-120 لمواجهة التحديات العالمية"

في الوقت الذي تتوسع فيه النزاعات المسلحة من أوروبا الشرقية إلى الشرق الأوسط، وتسير الجيوش الكبرى نحو تحديث قوتها الجوية، جاء إعلان سلاح الجو الأمريكي عن طلب تمويل إضافي بقيمة 738 مليون دولار لتوسيع إنتاج صاروخ AIM-120 AMRAAM كإشارة قوية إلى طبيعة الحرب الجوية القادمة. الصاروخ الذي شكّل العمود الفقري لقدرات الاشتباك الجوي خارج مدى الرؤية منذ أوائل التسعينيات، بات الآن على رأس أولويات التحديث، ليس فقط بسبب كفاءته التقنية، بل لأن ترسانته تتعرض للاستنزاف المستمر نتيجة الالتزامات الأمريكية المتعددة حول العالم، خصوصًا في أوكرانيا وإسرائيل. الطلب الجديد سيضاعف الإنتاج السنوي إلى 2400 صاروخ بحلول عام 2028، وهو ما يفتح الباب أمام تحديات وفرص استراتيجية في آنٍ معًا.

 

من حرب الخليج إلى سماء العالم: الصاروخ الذي لا يُستغنى عنه

ظهر صاروخ AIM-120 كبديل “ذكي” عن صواريخ AIM-7 Sparrow، مانحًا الطيارين القدرة على “الإطلاق والنسيان” بفضل نظام التوجيه الراداري النشط. وقد أثبت فعاليته منذ أولى استخداماته في حرب الخليج، وأصبح لاحقًا جزءًا أساسيًا من تسليح مقاتلات الجيل الرابع والخامس داخل وخارج الولايات المتحدة. هذه المرونة جعله خيارًا موحدًا في جيوش الناتو، ما رفع الطلب عليه بشكل حاد في السنوات الأخيرة.

 

استنزاف المخزون… واللجوء إلى الحل الإنتاجي

الولايات المتحدة واجهت خلال عامي 2023 و2024 تراجعًا كبيرًا في مخزونها من الذخائر المتقدمة بسبب الدعم المستمر لأوكرانيا، فضلاً عن إعادة تسليح إسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر. هذا الضغط على المخزون دفع البنتاغون إلى التحرك لتوسيع القدرة التصنيعية، خاصة في الذخائر ذات الأولوية كـ AIM-120. مضاعفة الإنتاج لا تتعلق فقط بزيادة العدد، بل بضرورة الحفاظ على الجاهزية في مواجهة تهديدات مستقبلية متزامنة، سواء في المحيط الهادئ أو أوروبا أو الشرق الأوسط.

 

مرونة قاتلة: قدرات تكتيكية وتكنولوجية متقدمة

يعتمد الصاروخ على نظام ملاحة بالقصور الذاتي وتحديثات منتصف الرحلة عبر وصلة بيانات ثنائية الاتجاه، ما يمنحه قدرة فائقة على إصابة أهداف بعيدة ومناورة. النسخة AIM-120D مزودة كذلك بمساعدة ملاحية عبر GPS وقدرات شبكية محسّنة، ما يجعلها مثالية للقتال في بيئات إلكترونية معقدة. هذا التنوع في الأداء يمنح الطيارين الأمريكيين القدرة على الاشتباك من مسافات تصل إلى 100 ميل، قبل أن يتمكن الخصم من الرد.

 

المنافسون يتحركون… والتحديث بات حتميًا

سيطرة AIM-120 على سماء القتال الجوي دفعت الخصوم إلى تطوير بدائل خاصة، أبرزها الصاروخ الروسي R-77 والصيني PL-15، ما يضع مزيدًا من الضغط على الصناعة الأمريكية للاستمرار في التحديث والتطوير. ومع دخول تقنيات التشويش الإلكتروني والتخفي البصري والراداري ساحة المعركة، يصبح من الضروري تحديث برمجيات الصاروخ ودقة التوجيه لضمان استمرارية فعاليته.

 

مشكلة الكلفة والقاعدة الصناعية المنهكة

رغم تفوقه، فإن كلفة AIM-120 التي تصل إلى نحو مليون دولار للصاروخ الواحد تثير علامات استفهام في أروقة البنتاغون، خصوصًا مع تزايد أعباء الإنفاق العسكري. كما أن قدرة القاعدة الصناعية الأمريكية على تلبية الطلب المضاعف تظل محل شك، وسط تقارير عن تراجع الكفاءات الفنية وسلاسل الإمداد بعد عقود من تقليص الإنتاج المحلي واعتماد سياسات الشراء الفوري زمن السلم.

 

بوادر مرحلة انتقالية نحو AIM-260

في الخلفية، يجري العمل على تطوير صاروخ بديل أكثر تطورًا هو AIM-260 JATM، القادر على تجاوز مدى الـ AIM-120 بكثير، ومصمم للتعامل مع مقاتلات الجيل الخامس والتهديدات المستقبلية. لكن إلى أن يدخل هذا الصاروخ الخدمة فعليًا، يبقى AIM-120 ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، خاصة في حال وقوع صدام فعلي واسع النطاق.

 

الحسم من الجو: الدرس الأمريكي في التسليح المسبق

خطة مضاعفة إنتاج AMRAAM تعكس تحولًا في التفكير الاستراتيجي الأمريكي: من “الاكتفاء المخزني” إلى “الجاهزية الميدانية المسبقة”. فمع تسارع وتيرة المواجهات، لم يعد هناك متسع من الوقت لزيادة الإنتاج وقت الحاجة. السلاح الجوي يريد اليوم تأمين الكمية قبل أن تتوسع الأزمة القادمة، ليكون مستعدًا لاشتباكات السماء المقبلة.

اقرأ أيضاً

اليابان وكوريا الجنوبية تتمسكان بالتفاوض بعد قرار ترامب تأجيل الرسوم:هامش ضيق وفرص محدوده

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى