بارقة أمل في غزة: إسرائيل ترسل وفدًا للتفاوض في قطر وتتمسك برفض تعديلات حماس
هدنة قيد البحث وسط استمرار القصف وسقوط الضحايا

رغم استمرار الضربات الجوية الإسرائيلية في قطاع غزة، برزت خلال الساعات الماضية مؤشرات خجولة على إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. إذ أعلنت حركة حماس استعدادها الفوري للتفاوض بشأن مبادرة أمريكية لتهدئة مؤقتة مدتها 60 يومًا، فيما أكدت الحكومة الإسرائيلية إرسال وفد إلى قطر لبدء المحادثات، لكنها رفضت بشكل قاطع مطالب الحركة لتعديل بنود المبادرة.
قصف متواصل في ظل “تهدئة نسبية”
ورغم وصف يوم السبت بأنه “أهدأ نسبيًا” مقارنة بالأيام السابقة، إلا أن حصيلة القتلى لا تزال مرتفعة، حيث أُعلن عن مقتل 24 فلسطينيًا، بينهم عشرة أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات إنسانية. ومن بين الضحايا طبيب فلسطيني وثلاثة من أطفاله، قضوا إثر غارة إسرائيلية استهدفت خيامًا في منطقة المواسي الساحلية جنوب غزة.
الجدل حول منظمة “GHF” والمساعدات المحفوفة بالخطر
أُصيب اثنان من المتعاقدين الأمريكيين العاملين مع منظمة “مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF) في هجوم بقنابل يدوية جنوب القطاع، مما أعاد تسليط الضوء على الجدل المتصاعد حول دور المنظمة المدعومة من الولايات المتحدة. فرغم إعلانها توزيع ملايين الوجبات الغذائية، واجهت انتقادات حادة من الأمم المتحدة، التي وصفت عملها بأنه “غير آمن بطبيعته” و”يتسبب في سقوط ضحايا”. الولايات المتحدة اتهمت “إرهابيي حماس” بالهجوم، في حين تُصر حماس على إغلاق هذه المنظمة ضمن شروطها للتهدئة.
أزمة إنسانية تهدد بالانفجار الكامل
دقت المنظمات الإنسانية ناقوس الخطر، محذرة من قرب نفاد الوقود اللازم لتشغيل المولدات التي تُغذي المستشفيات ووسائل الاتصال، ما ينذر بـ”انهيار تام” للعمليات الإنسانية في القطاع. وقال أحد العاملين في مدينة دير البلح: “تبقّى لدينا نصف يوم فقط من الوقود. بعدها سيتوقف كل شيء”.
يُذكر أن إسرائيل تفرض منذ 11 أسبوعًا حصارًا خانقًا على القطاع، يمنع دخول الوقود بشكل كامل، في حين تسمح بدخول كميات محدودة جدًا من الغذاء والدواء.
الوساطة الأمريكية تتحرك… بشروط
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يستعد لاستقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن الأحد، عبّر عن تفاؤله بإمكانية إعلان اتفاق خلال أيام، وأكد رغبته في إنهاء الحرب. وتضمنت مسودة الاتفاق المسربة بندًا يمنح ترامب حق الإعلان شخصيًا عن أي وقف لإطلاق النار.
لكن مصادر في حركة حماس قالت إنها تسعى لضمانات صريحة بأن التهدئة المؤقتة ستُفضي إلى وقف دائم للحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة. ولا يزال الخلاف قائمًا حول الجهات المسموح لها بتوزيع المساعدات، حيث تُصر حماس على استبعاد “GHF”، فيما ترفض إسرائيل عودة دور الأمم المتحدة أو الدول الأخرى في هذا المجال.
مفاوضات متعددة المسارات… والتقدم بطيء
من المتوقع أن تتنقل الوفود الإسرائيلية بين قطر ومصر خلال الأيام المقبلة لاستكمال التفاوض، بينما سيتوجه المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف، إلى المنطقة لإتمام التفاهمات النهائية. ويخشى مراقبون من أن تؤدي هذه الترتيبات المعقدة إلى تأخير التوصل لاتفاق نهائي رغم تفاؤل البعض.
اقرأ أيضاً:
ترامب يخطط لاحتفال تاريخي ضخم يعيد تقديم أمريكا أمام العالم كله
الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023
تعود جذور الصراع الحالي إلى هجوم مفاجئ شنته حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل 1200 شخص وخطف 251 آخرين. ومنذ ذلك الحين، شنت إسرائيل حملة عسكرية عنيفة على قطاع غزة، أسفرت عن مقتل أكثر من 57 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، بحسب أرقام وزارة الصحة في غزة التي تعتبرها الأمم المتحدة وحكومات غربية موثوقة.
هل نقترب من النهاية أم من مرحلة جديدة؟
رغم الأمل الذي بعثته تصريحات حماس وقرار إسرائيل إرسال وفدها إلى الدوحة، لا تزال التحديات السياسية والإنسانية والأمنية هائلة. فالمطالب المتبادلة، والرفض الإسرائيلي لأي تعديل، والتعقيدات في ملف المساعدات، قد تُطيح بهذه الفرصة. لكن يبقى السؤال الأهم: هل تُفتح نافذة سلام حقيقي، أم نعيش مجرد استراحة في حرب طويلة؟