عربي وعالمي

فرنسا تعترف بدولة فلسطين: بداية تحوّل دولي في مواجهة الإبادة في غزة

فرنسا تكسر الصمت: اعتراف بدولة فلسطين يربك إسرائيل ويحيي الأمل في غزة

في خطوة وُصفت بالمفصلية، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يوم الخميس 24 يوليو 2025، أن بلاده ستعترف رسميًا بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل. القرار الذي يُعد سابقة بين الدول الغربية الكبرى وعضوًا دائمًا في مجلس الأمن، أثار ردود فعل دولية متباينة، لكنه مثّل في جوهره تحولًا سياسيًا قد يُعيد رسم ملامح التعاطي العالمي مع المأساة المستمرة في قطاع غزة.

تحول فرنسي غير مسبوق في التعاطي مع القضية الفلسطينية

فرنسا التي طالما اتخذت موقفًا حذرًا من الاعتراف بدولة فلسطين، اكتفت لعقود بدعم نظري لحل الدولتين من دون إجراءات ملموسة. إلا أن إعلان ماكرون الأخير يشير إلى تغير حقيقي في السياسات الفرنسية، إذ دعا في رسالته للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى وقف الحرب، إطلاق سراح الرهائن، تسريع دخول المساعدات، ونزع سلاح الفصائل، كخطوات تمهيدية لبناء دولة فلسطينية مستقلة وديمقراطية.

ماكرون يربط السلام بالعدالة والاعتراف المتبادل، في إشارة لتحول فرنسي حاسم.

وأكد ماكرون أن “السلام لا يمكن أن يتحقق دون عدالة واعتراف متبادل”، مما يشير إلى استعداد فرنسا لتحمّل تبعات سياسية ودبلوماسية في سبيل كسر الجمود الدولي حيال القضية الفلسطينية.

الإبادة في غزة: واقع دموي يستدعي الاعتراف والتحرك

منذ بدء الحرب على قطاع غزة في أكتوبر 2023، قُتل أكثر من 42 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال، وتعرّضت البنية التحتية للدمار الكامل، مع انهيار المنظومات الصحية والتعليمية والخدمات الأساسية. هيئات أممية ومنظمات حقوقية بارزة، بينها “هيومن رايتس ووتش” و”أمنستي”، صنّفت ما يحدث على أنه “إبادة جماعية بطيئة”.

وفي هذا السياق، يكتسب الاعتراف الفرنسي بعدًا يتجاوز الرمزية، كونه يساهم في إعادة تسليط الضوء على المأساة ويزيد من الضغط على الحلفاء الغربيين لإعادة النظر في مواقفهم، خصوصًا الولايات المتحدة.

ردود فعل دولية: ترحيب فلسطيني وغضب إسرائيلي

رحّبت السلطة الفلسطينية بالقرار الفرنسي، واعتبرته “خطوة شجاعة نحو تصحيح ظلم تاريخي”. بينما ردّت إسرائيل بغضب شديد، إذ وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الخطوة بأنها “مكافأة للإرهاب” محذرًا من أنها قد تقود إلى “دولة انتحارية” بدلًا من التعايش السلمي.

قوبل القرار الفرنسي بترحيب فلسطيني باعتباره تصحيحًا للظلم، وبغضب إسرائيلي واتهامات بأنه يشجع الإرهاب.

على الطرف الآخر، أبدت دول أوروبية كإسبانيا وأيرلندا دعمها للخطوة الفرنسية، مشيرة إلى احتمال اتخاذ مواقف مماثلة، مما قد يشكّل بداية تحالف أوروبي جديد يسعى إلى فرض حل سياسي حقيقي.

البعد القانوني: المحكمة الجنائية الدولية تدخل على الخط

يتزامن الاعتراف الفرنسي مع تطورات قانونية دولية هامة، إذ أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مؤخرًا مذكرات توقيف بحق مسؤولين إسرائيليين، بينهم نتنياهو، بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية في غزة. ويعزز الاعتراف بدولة فلسطين من شرعية هذه المساعي، وقد يُمهّد الطريق أمام تحرّك دولي أقوى نحو المحاسبة.

اقرأ أيضاً

زلزال بقوة 7.5 درجة يضرب قبالة شبه جزيرة “كامشاتكا” الروسية

ختامًا: هل تنكسر العزلة الدولية عن فلسطين؟

رغم أن إعلان ماكرون لا يوقف الحرب مباشرة، إلا أنه يمثل نقطة تحوّل في المسار السياسي الدولي. الاعتراف الفرنسي كسر حاجز الصمت الغربي، ومنح القضية الفلسطينية دفعة جديدة. ومع تزايد الدعوات لإنهاء الإفلات من العقاب، يأمل الفلسطينيون أن يكون هذا القرار بداية لعدالة طال انتظارها، ومسارًا جديدًا يضمن لهم حق تقرير المصير والعيش بحرية وكرامة.

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى