تركيا تقترب من توقيع صفقة “يوروفايتر تايفون” مع بريطانيا وسط توترات إقليمية متصاعدة
تحول استراتيجي في عقيدة التسلح التركي بعيدًا عن الاعتماد الأمريكي

في خطوة تعكس تحولات كبرى في سياسات التسلح التركية، تستعد أنقرة لتوقيع اتفاق مبدئي مع بريطانيا لشراء 40 طائرة مقاتلة من طراز “يوروفايتر تايفون”.
وذلك في صفقة يُتوقع الإعلان عنها رسميًا خلال زيارة وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي، لمعرض الصناعات الدفاعية (IDEF) في إسطنبول هذا الأسبوع.
هذه الصفقة، التي يجري التفاوض بشأن تفاصيلها منذ عام 2023، تأتي بعد أن تمكنت أنقرة من تجاوز الفيتو الألماني الذي عرقل الاتفاق لعدة أشهر. ما يعكس إرادة سياسية تركية واضحة لتنويع مصادر التسلح، في ظل خلافات مستمرة مع الولايات المتحدة.
اتفاق مبدئي في انتظار التفاصيل المالية والتكنولوجية.
رغم أن الاتفاق بات قريبًا من التوقيع. لا تزال بعض البنود الأساسية محل تفاوض. خصوصًا ما يتعلق بسعر الصفقة المقدّر مبدئيًا بـ12 مليار دولار، وهو رقم اعتبرته أنقرة مبالغًا فيه.
إلى جانب السعر، تطالب تركيا بنقل جزئي للتكنولوجيا وتدريب الطيارين الأتراك على هذا الطراز الأوروبي. خصوصًا أن سلاح الجو التركي يعتمد تاريخيًا على طائرات أمريكية من طراز F-16.

الطراز الأحدث: “ترانش 4” من يوروفايتر.
الطائرات التي تستهدفها تركيا ضمن الصفقة تنتمي إلى الجيل الأحدث من “يوروفايتر تايفون” والمعروف باسم “Tranche 4”. والمزوّد بأنظمة رادار متقدمة وأفيونيكس حديثة، ما يمنحها قدرة عالية على المناورة والاكتشاف المبكر والاشتباك المتعدد في ساحة المعركة الجوية.
هذه القدرات تتيح لتركيا تعزيز موقفها الدفاعي والهجومي في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، خصوصًا في شرق المتوسط وعلى حدودها الجنوبية.
سباق مع الزمن قبل دخول مقاتلة “قآن” التركية الخدمة.
يأتي التوجه نحو اليوروفايتر كخيار مؤقت لسد الفجوة التي يعانيها سلاح الجو التركي. في انتظار دخول المقاتلة الوطنية “قآن” الخدمة بحلول عام 2028.
وتسعى أنقرة لتسريع تسلم دفعات أولية من المقاتلات الجديدة لتحديث أسطولها الجوي المتقادم. في ظل تراجع كفاءة طائرات F-16 وعدم قدرة الولايات المتحدة على تلبية المطالب التركية بسبب التوترات السياسية بين البلدين.
أنقرة تطرق أبواب الخليج للحصول على طائرات مستعملة.
في محاولة لتعجيل تحديث قواتها الجوية، تبحث تركيا أيضًا إمكانية شراء طائرات يوروفايتر مستعملة من دول خليجية مثل قطر. التي تملك أسطولًا حديثًا نسبيًا من هذه الطائرات.
مثل هذه الخطوة قد تتيح لتركيا الحصول على مقاتلات جاهزة للتشغيل دون الانتظار لسنوات كما هو الحال في عقود التصنيع الجديدة، مع توفير تدريبي أسرع للطيارين.

الضغوط الإقليمية تُعجّل صفقات التسلح
بحسب مصادر تركية في قطاع الصناعات الدفاعية، فإن التصعيد الأخير في المنطقة، لاسيما بين إسرائيل وإيران، والغارات الإسرائيلية الأخيرة على دمشق، دفع أنقرة لتسريع عمليات التسلح وتحديث القوات الجوية.
القيادة التركية تعتبر أن البيئة الإقليمية تتطلب جاهزية جوية فورية لمواجهة السيناريوهات المتعددة على أكثر من جبهة.
أصوات داخل أنقرة تدعو لإحياء صفقة F-35 المجمدة
رغم الحماسة الظاهرة لصفقة اليوروفايتر، لا تزال بعض الأصوات داخل المؤسسة العسكرية والدبلوماسية التركية تدفع باتجاه إعادة التفاوض مع واشنطن حول استئناف صفقة مقاتلات F-35، خصوصًا أن 6 طائرات تم تصنيعها بالفعل ولم تُسلَّم بسبب استبعاد تركيا من البرنامج إثر شرائها منظومة الدفاع الروسية S-400.
أنقرة تعتبر أن استعادة هذا المسار سيمنحها قدرات استراتيجية لا يمكن تعويضها بسهولة بطائرات أوروبية أو وطنية.
منظور أوسع: تركيا تعيد رسم خريطة شركائها الدفاعيين
الصفقة المحتملة مع بريطانيا تمثل تطورًا في خريطة الشراكات الدفاعية التركية، بعيدًا عن التبعية المطلقة للولايات المتحدة. فهي تعزز الدور البريطاني في الصناعات الدفاعية الأوروبية، وتفتح بابًا لتركيا نحو مزيد من الاندماج في الصناعات الجوية الغربية دون المرور عبر بوابة واشنطن.
وفي الوقت ذاته، تبعث رسالة إلى أوروبا بأن أنقرة منفتحة على التعاون إذا ما رُفعت القيود السياسية المفروضة على صفقات السلاح.