عربي وعالمي

غزة تتضوّر جوعاً: المجاعة كسلاح صامت في حرب بلا رحمة.

بين حصار خانق ومساعدات محاصرة، الأطفال يدفعون الثمن الأعلى في كارثة إنسانية تهدد جيلاً كاملاً.

في غزة المحاصَرة، لا تُسمع أصوات الانفجارات فقط، بل هناك صرخة صامتة تتردد بين جدران المخيمات: الجوع.

بينما يقف العالم متفرجاً، تُستخدم المجاعة كسلاح ممنهج، يحصد أرواح الأطفال والكبار في واحدة من أكثر الكوارث صمتاً ودمويةً في القرن الحادي والعشرين.

أكثر من مليوني إنسان – نصفهم من الأطفال – يُواجهون نقصاً كارثياً في الغذاء والدواء وسط حصار مشدد يمنع حتى مرور الشاحنات المحملة بالمساعدات.

 

أرقام تنذر بالكارثة: الجوع يقتل الأطفال قبل القنابل

وفق تقارير الأمم المتحدة:

ثلث سكان غزة لا يحصلون على الطعام لأيام متتالية.

أكثر من 100 شخص قضوا جوعاً منذ اندلاع الحرب، معظمهم من الأطفال.

اليونيسف: 80% من ضحايا الجوع في غزة هم أطفال.

منظمة الصحة العالمية: الوضع يُعد “تجويعاً جماعياً من صُنع الإنسان”.

صور الأجساد الهزيلة والعيون الغائرة ليست مجرد مآسي فردية، بل شهادة دامغة على انهيار منظومة الحياة بالكامل.

اطفال غزة                                                        

 

شاحنات تنتظر خلف الحدود: المساعدات تُحتجز خلف الأسلاك

رغم توفر آلاف الشاحنات المحمّلة بالمساعدات، يُمنع معظمها من دخول غزة.

السبب؟ قيود مشددة من السلطات الإسرائيلية، تشمل تصاريح متكررة، عمليات تفتيش طويلة، وخطورة مستمرة بسبب القصف.

“حتى السائقون يحتاجون إلى تصاريح مزدوجة، وينتظرون ساعات من الهدوء النادر”، بحسب متحدث أممي.

بينما تصرّ إسرائيل على أن المعابر “مفتوحة”، تشير منظمات دولية إلى شلل شبه تام في الإمدادات، ما يحوّل المعونة إلى أداة ضغط بدلاً من وسيلة إنقاذ.

 

“مؤسسة غزة الإنسانية”: اسم كبير… وأداء مثير للشكوك

منذ مايو، حلت “مؤسسة غزة الإنسانية” — المدعومة أمريكياً وإسرائيلياً — محل آليات الأمم المتحدة لتوزيع المساعدات.

لكن الواقع أظهر عجزاً وتهماً بالفساد وسوء الإدارة:

الكميات قليلة وغير منتظمة.

حالات تدافع ودهس وقتل خلال التوزيع.

أكثر من 1000 فلسطيني قُتلوا أثناء محاولتهم الوصول للطعام، بحسب وزارة الصحة في غزة.

تحولت المساعدات إلى مشهد فوضوي مأساوي، لا يليق باسم “العمل الإنساني”.

 

أثر الجوع على الأطفال: جرح لا يندمل

الجوع لا يُميت فقط… بل يحكم على الناجين بمستقبل مدمر.

بحسب الطبيب زلفقار بوتا، فإن الطفل الذي لا يحصل على الغذاء في سنواته الأولى يعاني من تلف دماغي وتأخر نمو لا يمكن علاجه لاحقاً.

“ما لا يُرى في الأشعة، يُحكم به على جيل بأكمله”، يقول بوتا.

جيل غزة يُحرم من حقه في الحياة قبل أن يعرف معنى الطفولة.

 

الإسقاط الجوي: محاولة محدودة لحل معقد

 

إسرائيل أعلنت استعدادها للسماح بإسقاط جوي محدود للمساعدات.

لكن خبراء يقولون إن هذه الآلية:

تنقل أقل من حمولة شاحنة.

خطيرة جداً في المناطق المأهولة.

تسببت سابقاً في إصابات وقتلى نتيجة الفوضى.

الحل الجوي قد يكون رمزياً، لكنه لا يُعالج جذر الأزمة: الحصار البري والقيود العسكرية.

اطفال غزة                                                                                                   

 

ما بعد الحرب: الجوع لا يتوقف بوقف إطلاق النار

الخبير العالمي أليكس دي وول يؤكد:

“المجاعة لا تنتهي بتوقف القصف. إنها تستمر… وتقتل بصمت بعد أن تتوقف القنابل عن السقوط”.

الأزمة في غزة لن تنتهي بمجرد وقف الحرب، بل ستبقى آثارها عميقة ومستمرة ما لم يُرفع الحصار وتُعاد الحياة الأساسية.

 

انهيار القيم: الإنسانية أمام اختبار أخلاقي عالمي

ما يجري في غزة يتجاوز السياسة والصراع، ليبلغ حد الانهيار الأخلاقي العالمي.

أن يُترك مليون طفل بلا غذاء ولا دواء، هو عار على المجتمع الدولي بأسره، وخرق واضح للقانون الإنساني الدولي.

في غزة، لا يُقتل الناس فقط بالسلاح، بل يُتركون ليذبلوا ببطء.

الجوع ليس فقط موتاً جسدياً… بل إعدامًا للكرامة وللأمل في المستقبل.

 

أقرأ أيضاً:

 

“حزب أمريكا” بقيادة إيلون ماسك: بداية ثورة سياسية أم فقاعة رقمية؟

سولين غزيم

سولين غزيم صحفية سورية ، تتميز بقلمها الجريء واهتمامها العميق بالقضايا الإنسانية والاجتماعية. تعمل على تسليط الضوء على هموم الناس بصوت صادق، وتنقل الحقيقة من قلب الحدث بموضوعية وشغف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى