شراهة الذكاء الاصطناعي للطاقة تدفع عمالقة التكنولوجيا إلى أقصى حدود الابتكار

تتسابق شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة نحو المستقبل الرقمي مستندة إلى الذكاء الاصطناعي، لكنها تصطدم بعقبات مادية شديدة الوضوح: نقص المعدات، ارتفاع التكاليف، والأهم من ذلك، محدودية الطاقة.
ومع إعلان الرئيس دونالد ترامب في 24 يوليو عن خطة وطنية للذكاء الاصطناعي تحذر من “جمود الطاقة” باعتباره تهديدًا للهيمنة الأمريكية، بدأت الشركات في البحث المحموم عن حلول لتغذية مراكز البيانات العملاقة التي تمثل قلب الثورة الرقمية الجديدة. لكن هل تملك هذه الشركات ما يكفي من الكهرباء لإشعال شرارة الذكاء الاصطناعي؟
الطلب يتضاعف ومراكز البيانات تزداد شراهة
الطفرة الهائلة في استثمارات الذكاء الاصطناعي دفعت “الهايبرسكيلرز” — مثل غوغل وأمازون ومايكروسوفت وميتا — إلى زيادة إنفاقها الرأسمالي الجماعي إلى 322 مليار دولار هذا العام، ارتفاعًا من 125 مليار فقط قبل أربع سنوات. مراكز البيانات الجديدة تستهلك طاقة خيالية، إذ إن كل رف خوادم مزود بشرائح AI يستهلك طاقة تعادل عشرة أضعاف رفوف الخوادم التقليدية.
أزمة كهرباء تلوح في الأفق
وفقًا لدراسة من مختبر لورانس بيركلي الوطني، استهلكت مراكز البيانات الأمريكية 176 تيروات/ساعة في 2023. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى ما بين 325 و580 تيروات/ساعة بحلول 2028، أي ما يعادل 7% إلى 12% من إجمالي استهلاك الكهرباء في أمريكا. نصف هذه الزيادة تقريبًا يعود إلى مراكز البيانات الخاصة بالذكاء الاصطناعي.
مراكز الذكاء الاصطناعي تبحث عن الأرض والطاقة
التحول من “تدريب” النماذج إلى “الاستدلال” بها — أي تشغيلها فعليًا — يتطلب أن تكون مراكز البيانات أقرب إلى المستخدم النهائي. لكن الأراضي القريبة من المدن نادرة ومكلفة، ومعظم المناطق التقليدية مثل شمال فيرجينيا أصبحت مشبعة تمامًا.
التحالفات الناشئة تعيد تشكيل السوق
في ظل هذه الضغوط، تلجأ الشركات الكبرى إلى الشراكة مع مزودي خدمات سحابية أصغر، مثل “كور ويف” التي وقعت اتفاقات ضخمة مع غوغل ومايكروسوفت لاستئجار قدرات مراكز بياناتها. اللافت أن جزءًا كبيرًا من هذه القدرة أتى من إعادة استخدام مراكز بيانات كانت مخصصة لتعدين العملات المشفرة.
الطاقة البديلة تدخل حلبة الذكاء الاصطناعي
في محاولة للبحث عن مصادر طاقة جديدة، وقعت غوغل اتفاقًا بقيمة 3 مليارات دولار للحصول على طاقة كهرومائية من سد في بنسلفانيا، بينما تسعى أمازون للاستثمار في مراكز بيانات تعمل بالطاقة النووية. كما وقعت غوغل اتفاقًا مع شركة “كايروس باور” لتزويدها بمفاعلات نووية صغيرة بدءًا من عام 2030، واستثمرت أمازون في شركة SMR أخرى هي “إكس إنرجي”.
من الطاقة الشمسية إلى الغاز والهيدروجين
تسعى مايكروسوفت إلى اختبار خلايا وقود الهيدروجين كمصدر احتياطي، بينما تعمل ميتا على استخدام الغاز الطبيعي في مشروعها “بروميثيوس” في لويزيانا. وفي ديسمبر الماضي، وقّعت غوغل صفقة بقيمة 20 مليار دولار لبناء مركز بيانات متكامل مع محطة طاقة شمسية مزودة ببطاريات تخزين.
حلول مرنة لتحسين أداء الشبكة
من أبرز الاتجاهات الحالية، التوافق مع مشغلي الشبكات على تقليل الضغط خلال ساعات الذروة. مراكز البيانات التي تستخدم البطاريات أو تولد الطاقة داخليًا عند الحاجة قد تحصل على أولوية في الوصول إلى الطاقة من الشبكة. تجربة شركة XAI التابعة لإيلون ماسك في ممفيس تثبت أن هذا النهج يفتح أبوابًا أسرع للحصول على الكهرباء.
الهروب إلى الخارج: الخليج وإسبانيا في الصورة
مع اشتداد المنافسة على الأرض والطاقة في الولايات المتحدة، بدأت الشركات تتوجه إلى الخليج العربي — بدعم من الصناديق السيادية — وإلى إسبانيا، الغنية بالطاقة الشمسية. ماليزيا كانت وجهة رائجة، لكن فرض رسوم إضافية على مراكز البيانات اعتبارًا من 1 يوليو قد يغيّر المعادلة.
مشاريع عملاقة… لكنها ليست بدون مخاطر
المخاطرة حاضرة بقوة. مشروع “ستارغيت” المشترك بين “أوبن إيه آي” وسوفت بانك واجه عراقيل تتعلق بموقعه ومزود الطاقة. ويخشى بعض الخبراء من أن المراكز فائقة التخصص والمبنية في مواقع نائية قد تتحول إلى أصول عالقة وغير مستغلة إذا تغيرت اتجاهات السوق.
اقرا أيضا
أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 في بداية التعاملات اليومية