“الآن أو لا أبداً”: دعوات فرنسية لإنقاذ “سفينة الحرية” من التحلل والضياع

وسط تصاعد التوترات الدبلوماسية بين أوروبا والولايات المتحدة، تعود إلى الواجهة واحدة من أبرز رموز الصداقة التاريخية بين باريس وواشنطن: نسخة طبق الأصل من السفينة الحربية الفرنسية “ليرميون”، التي حملت بشائر دعم الملك لويس السادس عشر للثوار الأمريكيين في حرب الاستقلال. السفينة اليوم تقبع في جفاف مهلك، ويواجه القائمون على المشروع خطر فقدانها نهائيًا إذا لم يتم جمع التمويل المطلوب خلال أسابيع. وبينما يتهاوى الخشب تحت وطأة الفطريات، تتجدد الآمال في تدخل دولي لحمايتها باعتبارها رمزًا للحرية والتضامن بين الشعوب.
مشروع فني وتاريخي مهدد بالانهيار
أطلقت النسخة الحديثة من “ليرميون” عام 2015 بعد 17 عامًا من البناء الذي كلف 26 مليون يورو، وجابت المحيط الأطلسي حتى وصلت إلى نيويورك وسط ترحيب حار من الأمريكيين. إلا أن السفينة التي يبلغ طولها 66 مترًا ووزنها 1,200 طن أصبحت اليوم في خطر، بعدما اكتُشف إصابة هيكلها بأمراض فطرية نادرة، أجبرت الجمعية القائمة عليها على إدخالها الحوض الجاف منذ عام 2021.
فطريات القرن الثامن عشر تعود وتهاجم القرن الحادي والعشري
من المفارقات اللافتة أن الفطريات التي تفتك بالسفينة اليوم—وأشهرها “لينزايتس” و”سيلار بوليبور”—معروفة منذ القرن الثامن عشر. لكنها آنذاك لم تكن تثير القلق؛ إذ كانت السفن تُبنى خلال شهور قليلة، وفي حال تلفها تُستبدل بأخرى جديدة. أما اليوم، فلا يمكن إعادة بناء سفينة استغرق تشييدها قرابة العقدين وكلفت عشرات الملايين.
رمز للحرية والدبلوماسية بين الشعوب
في عام 1780، أبحرت النسخة الأصلية من “ليرميون” حاملةً الماركيز دي لافاييت إلى بوسطن، حيث أبلغ جورج واشنطن برسالة الدعم الفرنسي للثورة الأمريكية. وعلى مرّ التاريخ، ظلت هذه السفينة رمزًا للمبادئ المشتركة بين فرنسا والولايات المتحدة: الحرية، التضامن، والتصدي للهيمنة الإمبراطورية. تقول إميلي بو، المديرة التنفيذية للجمعية المشرفة على المشروع: “هذه ليست مجرد سفينة، بل عمل فني يحمل قيماً عالمية”.
تحديث تقني لا يلغي الطابع التراثي
رغم التزام القائمين على المشروع بالأساليب التاريخية في البناء، جُهّزت “ليرميون” الحديثة ببعض المرافق الحديثة كالحمامات وأجهزة الملاحة الكهربائية، مما سمح بتصنيفها كسفينة سياحية لا كسفينة حربية. حتى المدافع التي تزينها ليست حقيقية، حتى لا تقع تحت سلطة البحرية الفرنسية، ما يسمح بمزيد من المرونة في استخدامها لأغراض ثقافية ودبلوماسية.
نداء دولي: خمسة ملايين يورو تفصل بين الحياة والموت
تمكنت الجمعية حتى الآن من جمع 5 ملايين يورو لترميم الجزء الخلفي من الهيكل، لكن استكمال العمل يتطلب 5 ملايين أخرى. ومع مرور ثلاث سنوات على بقاء السفينة في الحوض الجاف، أصبح الوقت ضيقًا. تقول بو: “نرطّب الخشب باستمرار حتى لا يتشقق، لكن هذه الرطوبة نفسها قد تُسرّع نمو الفطريات. علينا إنقاذها الآن أو نخسرها إلى الأبد