إسرائيل تختبر بنجاح نسخة مطوّرة من منظومة “مقلاع داوود” الدفاعية
نجاح اختبار نسخة متطورة من "مقلاع داوود" يعزز الدرع الدفاعي لإسرائيل في مواجهة التهديدات الجوية

في ظل استمرار العمليات العسكرية ضمن ما يُعرف بـ”حرب سيوف الحديد”، أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن نجاح سلسلة من الاختبارات الحية لمنظومة الدفاع الجوي والصاروخي “مقلاع داوود” (David’s Sling)، في خطوة اعتبرتها المؤسسة العسكرية تطورًا نوعيًا في قدرات إسرائيل على التصدي للتهديدات الجوية المعقّدة والمتغيرة.
وجاء في البيان الرسمي الصادر عن الوزارة يوم الإثنين، أن الاختبارات التي أُجريت خلال الأيام الماضية كانت جزءًا من حملة تطوير مخططة تشمل تجارب طيران حيّة، وتم تنفيذها بإشراف منظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية (IMDO)، التابعة لمديرية البحث والتطوير الدفاعي (المعروفة باسم “مفات”)، وبالتعاون الوثيق مع وكالة الدفاع الصاروخي الأميركية (MDA) وشركة “رافائيل” الإسرائيلية، المقاول الرئيسي للمنظومة.
أهداف الاختبار: مواجهة التهديدات المستقبلية
أكد البيان أن هذه الاختبارات جاءت لمحاكاة طيف واسع من التهديدات المستقبلية، تتضمن صواريخ كروز، وطائرات مسيّرة (UAVs)، وصواريخ بعيدة المدى، في إطار مساعٍ لتعزيز قدرة المنظومة على التعامل مع سيناريوهات متعددة في بيئات قتالية متنوعة.
وقد عبّرت الوزارة عن ارتياحها الشديد لنتائج التجارب، مشيرة إلى أن المنظومة “نجحت في تنفيذ سلسلة من الاعتراضات الحية، مما يعكس تطورًا جوهريًا في أدائها ويعزز قدرتها على دعم العمليات القتالية للقوات الإسرائيلية في مختلف الجبهات.”
موقع المنظومة في العقيدة الدفاعية الإسرائيلية
تُعد منظومة “مقلاع داوود”، التي دخلت الخدمة الفعلية في صفوف الجيش الإسرائيلي منذ عام 2017، جزءًا حيويًا من البنية الدفاعية متعددة الطبقات التي تعتمدها إسرائيل لحماية مجالها الجوي. وتتضمن هذه المنظومة الدفاعية ثلاثية المستويات:
القبة الحديدية (Iron Dome): لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى.
مقلاع داوود (David’s Sling): للتصدي للتهديدات متوسطة إلى طويلة المدى.
منظومة “آرو” (Arrow): لاعتراض الصواريخ الباليستية البعيدة المدى.
ومن المقرر أن تنضم منظومة “الشعاع الحديدي” (Iron Beam)، التي تعتمد على تقنيات الليزر، إلى هذا النسيج الدفاعي في المستقبل القريب.
دروس المعركة ومرونة التحديث
أشارت وزارة الدفاع إلى أن هذه التحديثات الأخيرة في “مقلاع داوود” جاءت استجابة مباشرة لدروس مستخلصة من معارك ميدانية حقيقية، لا سيما خلال “عملية الأسد الصاعد” عام 2023 والحرب الجارية حاليًا. وقد نفذت المنظومة خلال تلك العمليات عدة اعتراضات ناجحة لصواريخ وطائرات معادية، يُعتقد أنها أنقذت أرواحًا ومنعت دمارًا واسعًا.
وفي تعليقها على التجارب، أوضحت الوزارة أن: “الاختبارات شكلت اختراقًا إضافيًا في قدرات المنظومة، وتدل على التزام مستمر بتطويرها بناءً على الأداء العملي في الميدان.”
شركاء التطوير: تحالف تكنولوجي إسرائيلي-أميركي
يُذكر أن برنامج “مقلاع داوود” هو ثمرة تعاون مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة. فبينما تقود شركة “رافائيل” الإسرائيلية المشروع كمقاول رئيسي، تلعب شركة “رايثيون” الأميركية دورًا بارزًا كمقاول من الباطن، خصوصًا في تطوير تقنيات الاعتراض.
أما رادار المهام المتعددة (MMR) المستخدم في المنظومة، فقد طُوّر من قبل شركة “إلتا سيستمز” التابعة للصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI). أما مركز إدارة المعركة (BMC)، فقد طوّرته شركة “إلبِت سيستمز”، وهي أيضًا شركة إسرائيلية رائدة في الأنظمة التكتيكية والإلكترونية.
وأكد بيان مشترك من وزارة الدفاع الإسرائيلية ونظيرتها الأميركية أن “نجاح الاختبارات يعكس ثمرة التعاون المشترك بين البلدين، ويعزز الموقف الدفاعي لإسرائيل في مواجهة التحديات المتزايدة في المنطقة.”
تفاصيل فنية للمنظومة واعتراضاتها
لم تفصح الوزارة عن التفاصيل التقنية الدقيقة للتحديثات التي خضعت لها المنظومة خلال هذه التجارب، لكنها أكدت أن التعديلات جاءت استجابة لملاحظات ميدانية واقعية. وقد تضمنت التجارب سيناريوهات اعتراضية لتهديدات جوية متقدمة، منها هجمات منسقة ومعقدة من عدة مسارات.
تجدر الإشارة إلى أن صاروخ الاعتراض المستخدم في منظومة “مقلاع داوود” والمعروف باسم “ستانر” (Stunner)، يتميز بتصميم متطور خالٍ من الرؤوس المتفجرة، حيث يعتمد على تقنية “الضرب المباشر” أو “الضرب الحركي”، وهي تقنية تتيح تدمير الهدف عبر الطاقة الحركية الناتجة عن الاصطدام المباشر، مما يقلل من احتمال الأضرار الجانبية.
مواجهة التهديدات المتغيرة في المنطقة
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعدًا في التهديدات الجوية من قبل أطراف حكومية وغير حكومية. إذ تسعى جهات عدة إلى امتلاك ترسانات من الصواريخ الدقيقة والطائرات الانتحارية بدون طيار، ما يفرض على إسرائيل رفع مستوى جهوزيتها الدفاعية بسرعة.
وقد أكدت وزارة الدفاع أن هذه التحديثات تأتي في سياق “التحول السريع الذي تشهده بيئة التهديدات”، وأن منظومة “مقلاع داوود” أظهرت “مرونة استثنائية” في الاستجابة لهذه المتغيرات، مما يعزز مكانتها كطبقة محورية في الاستراتيجية الدفاعية.
اقرأ أيضاً…
نساء أوكرانيا في الصفوف الأمامية: كيف تغيّر الحرب ملامح الجيش والمجتمع؟
نظرة مستقبلية: دمج الابتكار في الحرب الحية
في ختام البيان، شددت الوزارة على أن التجارب الأخيرة تشكل جزءًا من نهج أوسع تسعى من خلاله إلى تسريع دمج الخبرات المكتسبة من أرض المعركة في التحديثات التقنية. وأوضحت أن “قدرات المنظومة جرى تحسينها ضمن عملية تعلم تشغيلية نشطة”، وهو ما يعكس سعيًا حثيثًا لتطوير الأنظمة الدفاعية الإسرائيلية وفق نموذج ديناميكي وتفاعلي مع الواقع الميداني.