خطه ترامب لإنقاذ صناعة الطماطم في فلوريدا: إجبار المكسيك علي دفع الثمن
أزمة الطماطم: ترامب يفرض رسومًا جمركية على المكسيك

في خطوة لحماية صناعة زراعة الطماطم المتراجعة في فلوريدا، فرض الرئيس دونالد ترامب رسومًا جمركية لمكافحة الإغراق بنسبة 17% على الطماطم المكسيكية في يوليو 2025. يأتي هذا الإجراء في الوقت الذي شهدت فيه حقول الطماطم في فلوريدا انخفاضًا كبيرًا منذ التسعينيات، عندما كانت تغطي أكثر من 60 ألف فدان، مقارنةً بأقل من نصفها اليوم. ويُعتبر قرار ترامب بفرض الرسوم بمثابة طوق نجاة للمزارعين الأمريكيين، الذين يزعمون أن الطماطم المكسيكية تُباع بأسعار أقل من تكلفة الإنتاج.
طوق نجاة لمزارعي فلوريدا؟
أعرب مزارعو الطماطم في فلوريدا، مثل بوب سبنسر من شركة “ويست كوست توماتو”، عن ارتياحهم وحزنهم في آن واحد. وأقر سبنسر بفائدة الرسوم الجمركية الجديدة، لكنه أشار أيضًا إلى الصعوبات التي يواجهها المزارعون الذين لم يتمكنوا من الصمود في وجه تراجع هذه الصناعة. وتهدف الرسوم إلى الحد من هيمنة المكسيك، حيث تُوفر الآن أكثر من 60% من الطماطم المستهلكة في الولايات المتحدة. منذ تطبيق اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) عام ١٩٩٤، زادت المكسيك حصتها السوقية بشكل مطرد، مما جعلها هدفًا متكررًا لسياسات ترامب التجارية.
رد المكسيك: اتهامات بالحمائية
نفت المكسيك الاتهامات الموجهة إليها بإغراق السوق الأمريكية بالطماطم بأسعار أقل من التكلفة. ويجادل جيرمان غاندارا، رئيس الجمعية المكسيكية للبستنة المحمية، بأن المنتجين المكسيكيين قد تفوقوا على المزارع الأمريكية التقليدية من خلال تبني التقنيات الحديثة والممارسات الزراعية المتفوقة. ويؤكد غاندارا أن المكسيك استثمرت بكثافة في تحسين الجودة والتكنولوجيا وكفاءة العمالة، مما سمح لها بإنتاج الطماطم بأسعار أكثر تنافسية.
الأثر الاقتصادي على الجانبين
بدأ فرض التعريفات الجمركية بالفعل يؤثر على صناعة الطماطم في المكسيك. وعلى الرغم من عدم الإبلاغ عن أي تسريح جماعي للعمال، إلا أن المنتجين يعدلون أساليب إنتاجهم ويسعون للحصول على أسعار أعلى من العملاء لاستيعاب التكاليف. قد تُعطّل هذه الرسوم قطاعًا بقيمة 7 مليارات دولار، يُوظّف نصف مليون شخص في المكسيك، كما أنها تُهدّد بفقدان وظائف على جانبي الحدود في حال انقطاع سلسلة التوريد.
السياق التاريخي والمخاوف المستقبلية
يعود الخلاف حول الطماطم المكسيكية إلى الأيام الأولى لاتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، حيث ارتفعت صادرات المكسيك من الطماطم بشكل كبير بعد إقرار الاتفاقية. في عام 1996، تم التوصل إلى اتفاق لتعليق تحقيق أمريكي لمكافحة الإغراق وتحديد حد أدنى للسعر، وهو إجراء جُدّد عدة مرات. مع ذلك، لم يُرضِ مزارعو فلوريدا تمامًا، وفي عهد ترامب، انسحبت الولايات المتحدة من أحدث اتفاقية في منتصف يوليو، مما أدى إلى فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 17%.
غموض المستقبل
مع استمرار المناقشات بين الولايات المتحدة والمكسيك، لا يزال مستقبل تجارة الطماطم غامضًا. وقد تعهّدت حكومة المكسيك، بقيادة الرئيسة كلوديا شينباوم، بدعم صناعة الطماطم، لكنها تواجه تخفيضات في الميزانية تُحدّ من المساعدات المباشرة. من ناحية أخرى، يسود عدم اليقين لدى مزارعي فلوريدا بشأن التداعيات طويلة المدى، حيث يواجه بعض المنتجين المكسيكيين الأصغر حجمًا صعوبات في التصدير بسبب العبء المالي للرسوم الجمركية الجديدة.
العواقب المحتملة على المستهلكين
لم يتضح بعد تأثير الرسوم الجمركية على المستهلكين بشكل كامل. فبينما يتوقع المزارعون الأمريكيون ارتفاع أسعار المزارع، تتوقع المجموعات الزراعية المكسيكية أن يتحمل المستهلكون العبء الأكبر من ارتفاع التكاليف، حيث من المتوقع أن ترتفع الأسعار بنسبة 11.5%. وإذا سعى المزارعون الأمريكيون إلى توسيع الإنتاج، فسيحتاجون إلى استثمارات كبيرة في الأراضي والتكنولوجيا، مما قد يؤدي إلى زيادة الأسعار على المستهلكين.
تعقيدات التجارة والزراعة
يؤكد قرار ترامب بفرض رسوم جمركية على الطماطم المكسيكية على العلاقة المعقدة بين سياسات التجارة والزراعة وسلسلة التوريد العالمية. وبينما يرى مزارعو فلوريدا أن الرسوم الجمركية إجراء ضروري لحماية صناعتهم، فإن العواقب الأوسع لهذه الرسوم قد تؤثر على كل من المستهلكين الأمريكيين والعمال المكسيكيين. ويستمر الجدل في ظل سعي كلا البلدين لمواجهة تحديات التجارة والرسوم الجمركية والاستدامة الزراعية.