مودي في لحظة تأمل بعد فشل محاولاته في التقارب مع شي وترامب

مع تزايد الضغط السياسي على رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، بسبب فشل جهوده الكبيرة في تحسين العلاقات مع القوى العظمى، الصين والولايات المتحدة، أصبحت الهند في لحظة حاسمة من المراجعة والتأمل في استراتيجيتها الدولية. بدأت محاولات مودي في التقارب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ عبر استقبال حافل له في الهند، حيث أظهرت رغبة في محاكاة النمو الاقتصادي الذي حققته الصين. إلا أن هذا اللقاء كان مصحوبًا بتوترات حدودية مستمرة بين البلدين، مما أعاد التأكيد على هشاشة العلاقات الثنائية.
علاقات مودي مع ترامب: من الود إلى التوتر
عقب تقارب مودي مع الصين، توجهت الهند نحو تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة خلال فترة حكم الرئيس ترامب. في البداية، ساد بين مودي وترامب نوع من الود الشديد، لدرجة أن مودي ذهب إلى حد الدعوة علنًا لإعادة انتخاب ترامب في تجمع حاشد في هيوستن. ومع ذلك، بدأت العلاقات بين البلدين تتدهور سريعًا بسبب مواقف ترامب القاسية، خاصة فيما يتعلق بالحرب التجارية والعقوبات على روسيا. ترامب فرض على الهند رسوماً جمركية تصل إلى 50٪ بسبب مشترياتها من النفط الروسي، مما فجر مشاعر الاستياء في الهند.
التحديات السياسية الداخلية والخارجية
الفشل في التقارب مع الصين وترامب دفع الهند إلى إعادة تقييم مكانتها الدولية. على الرغم من النمو الاقتصادي الذي تتمتع به، إلا أن الهند بدأت تشعر بالحدود الواضحة لثقلها على الساحة العالمية. وبينما تواصل الهند محاولاتها لتحسين علاقاتها مع روسيا، تظهر قيادات هندية وطلائع المفكرين أن الهند قد تحتاج إلى العودة إلى مبدأ “الاستقلال الاستراتيجي” الذي يركز على تعزيز علاقات منطقية مع كل القوى العظمى بدلاً من المضي قدماً في تحالفات ضخمة قد تنعكس سلباً على مصالحها.
العودة إلى النهج التقليدي: الاستقلال الاستراتيجي
مفهوم “الاستقلال الاستراتيجي” يعني أن الهند ستمضي قدمًا في تحقيق أهدافها الوطنية دون الانغماس الكامل في تحالفات مع الدول الكبرى التي قد تضر بها. قد يكون الوقت قد حان لتحقيق توازن دقيق بين تعزيز علاقات مع القوى العظمى في العالم من جهة، وبين الحفاظ على استقلالية القرار الوطني من جهة أخرى. هذا النهج قد يتطلب من الهند التعامل مع مجموعة من العلاقات المتناقضة، مما يجعل السياسة الهندية أقل تقيدًا بالتزامات محددة.
ما بعد التوترات
في النهاية، يعكس الموقف الحالي للهند تحدياتها الدبلوماسية المستمرة في سياق عالمي متغير. العلاقة المتوترة مع الصين والتوترات مع الولايات المتحدة نتيجة للتصعيد في التجارة والموارد النفطية تؤكد أن مودي يجب أن يعيد النظر في استراتيجياته الدبلوماسية ويوازن بين مختلف العلاقات الدولية. على الرغم من أن الهند تسعى إلى تعزيز دورها كقوة اقتصادية ودبلوماسية، فإن “الاستقلال الاستراتيجي” قد يكون هو الحل الأمثل لضمان تحقيق مصالحها الوطنية في ظل هذه التحديات العالمية.