SeaLead: شركة شحن سنغافورية تنفي أي علاقة بإيران

في خطوة مفاجأة داخل سوق الشحن البحري العالمي، وجدت شركة SeaLead، ومقرها سنغافورة، نفسها في قلب أزمة دولية بعد أن طالتها تداعيات العقوبات الأمريكية الأخيرة، التي شملت 16 سفينة مستأجرة تشكل نحو ثلث أسطولها العامل.
الشركة سارعت إلى إصدار بيان تنفي فيه أي صلة مباشرة أو غير مباشرة بالنظام الإيراني، مؤكدة أنها بدأت بإنهاء عقود الإيجار مع مالكي السفن المشمولة بالعقوبات، وأنها تقوم بتفريغها تدريجيًا في الموانئ المناسبة لتفادي أي مخالفات محتملة أو شبهات مستقبلية.
هذا الموقف يعكس رغبة SeaLead في حماية سمعتها التجارية ومكانتها ضمن كبرى شركات الشحن البحري عالميًا، حيث صعدت خلال ثماني سنوات فقط لتصبح في المرتبة الثالثة عشرة بين شركات الحاويات.
خلفية العقوبات الأمريكية
وزارة الخزانة الأمريكية أعلنت في 30 يوليو عن فرض عقوبات شملت أكثر من 115 شخصًا وكيانًا وسفينة.
العقوبات استهدفت شبكة يُعتقد أنها تابعة لـ محمد حسين شمخاني، نجل علي شمخاني المستشار البارز للمرشد الأعلى الإيراني.
الولايات المتحدة قالت إن هذه الشبكة عملت على تسهيل الالتفاف على العقوبات المفروضة على طهران، وساهمت في تدفق أموال غير مشروعة إلى النظام الإيراني.
ولم تمض سوى أيام حتى انضمت بريطانيا إلى واشنطن، بفرضها عقوبات مماثلة طالت بعض الأفراد والكيانات ذاتها.
بالنسبة لشركة SeaLead، فإن إدراجها في دائرة العقوبات جاء نتيجة ارتباط بعض سفنها المستأجرة بكيانات يُشتبه في إدارتها أو تورطها بأنشطة تخدم النظام الإيراني، وهو ما دفع الشركة إلى توضيح موقفها بشكل عاجل.
تعقيدات البنية التشغيلية لقطاع الشحن
القضية أبرزت حجم التعقيد في قطاع الشحن البحري، الذي يعتمد غالبًا على شبكة من الشركات الوهمية، المديرين التقنيين المستقلين، واتفاقيات الإيجار المعقدة.
شركة SeaLead لا تملك سوى سفينة واحدة بشكل مباشر، بينما يعتمد باقي أسطولها على سفن مستأجرة من أطراف ثالثة.
هذا النموذج منحها فرصة التوسع السريع خلال فترة قصيرة، لكنه في المقابل جعلها أكثر عرضة للدخول في متاهة التشابكات القانونية والمالية المرتبطة بملكية السفن وإدارتها.
هذا النموذج شائع في الصناعة، لكنه يفتح الباب أمام تساؤلات متكررة حول المسؤولية المباشرة للشركات المشغلة عند وقوع انتهاكات أو شبهات، مثلما حدث في قضية SeaLead الأخيرة.
صلات مثيرة للجدل
العقوبات الأمريكية طالت أيضًا شركة Draco Buren، المسجلة في سنغافورة، والتي كانت تتولى الإدارة التقنية لأربع سفن ضمن أسطول SeaLead.
الجدل زاد عندما تبيّن أن مؤسس Draco Buren، جيديب سايجال، شغل منصبًا سابقًا في SeaLead. غير أن الأخيرة أكدت أن سايجال غادرها منذ عام 2019، وأنه لا تربطها به أي علاقة حاليًا، في محاولة لقطع الطريق أمام أي استنتاجات تربطها بأنشطة مشبوهة.
شبهات حول بعض السفن
وزارة الخزانة الأمريكية أشارت إلى أن سفينتين ضمن الأسطول المستأجر لدى SeaLead، هما Bigli و Ace، متورطتان في شحنات مرتبطة بإيران، مع استخدام وثائق يُعتقد أنها مزورة.
لكن SeaLead ردت بأن السفينتين لم تدخلا الخليج العربي إطلاقًا خلال فترة تشغيلها لهما، مضيفة أنها لم تكن المستأجر الوحيد لهما خلال العامين الماضيين، وهو ما يعقد مسؤوليتها القانونية ويجعلها مستحية من الناحية المباشرة في هذه القضية.
موقف الشركة الرسمي
في بيان لصحيفة فايننشال تايمز (FT)، أكدت SeaLead النقاط التالية:
- أنهت عقود الإيجار مع مالكي السفن المشمولة بالعقوبات فور إعلانها.
- تلتزم بإجراءات صارمة للتحقق من العملاء، بما في ذلك الفحص المسبق ضد العقوبات الدولية قبل توقيع أي اتفاقيات إيجار جديدة.
- لا تربطها أي علاقة، لا مباشرة ولا غير مباشرة، بالنظام الإيراني أو أي من أذرعه الاقتصادية.
بهذا البيان، تسعى الشركة إلى إعادة بناء الثقة مع عملائها وشركائها في قطاع الملاحة البحرية، والتأكيد على التزامها بالمعايير الدولية.
ارتباط بكيان إماراتي
العقوبات الأمريكية تضمنت أيضًا الإشارة إلى أن 15 سفينة من أسطول SeaLead المستأجر كانت مرتبطة بشركة Marvise الإماراتية، التي يُعتقد أن حسين شمخاني يدير عملياتها.
لكن SeaLead نفت أي معرفة سابقة بهذه الشركة أو أي تعامل معها، معتبرة أن الربط القائم ناتج عن التعقيدات الكبيرة في شبكات الملكية والتشغيل التي تميز قطاع الشحن البحري.
أبعاد أوسع على صناعة الشحن
الأزمة التي تواجهها SeaLead لا تعكس فقط وضعها الخاص، بل تسلط الضوء على هشاشة قطاع الشحن البحري أمام العقوبات الدولية.
تداخل الملكية والإيجار والإدارة يجعل من السهل أن تقع شركات بريئة في دائرة الاتهام.
التدقيق الدولي المتزايد يعكس قناعة لدى الولايات المتحدة وبريطانيا بأن فرض العقوبات على إيران لن يكون فعالًا ما لم يشمل القطاعات الحيوية التي تعتمد عليها، وفي مقدمتها الشحن البحري، باعتباره شريانًا أساسيًا للتجارة والنقل الدولي.
مستقبل SeaLead بين التحدي والفرص
رغم موقفها الواضح وسرعة استجابتها للأزمة، يبقى مستقبل SeaLead مرهونًا بقدرتها على إقناع السوق العالمي باستقلاليتها وشفافيتها.
الأزمة الحالية قد تمثل تهديدًا لسمعتها، لكنها في الوقت نفسه فرصة لتبني معايير أشد صرامة في إدارة السفن المستأجرة والتحقق من الشركاء التجاريين.
وفي عالم باتت فيه مستحية أي شبهة ارتباط بالنظام الإيراني، فإن استراتيجيات SeaLead ستحدد ما إذا كانت ستستعيد ثقة عملائها وتواصل مسارها التصاعدي، أو تجد نفسها في مواجهة تحديات متجددة قد تهدد مكانتها في السوق العالمي