مونديال الرغبي للسيدات 2025: إنجلترا تستعد لمواجهة الولايات المتحدة

تنطلق مساء الجمعة في ملعب ستاديوم أوف لايت بمدينة سندرلاند الإنجليزية، منافسات النسخة الأكثر ترقبًا في تاريخ كأس العالم للرغبي للسيدات. منتخب إنجلترا، المصنف الأول عالميًا والمُلقب بـ”الورود الحمراء”، يفتتح البطولة على أرضه بمواجهة نظيره الأمريكي، في مباراة تجمع بين فريق يسعى لتأكيد هيمنته العالمية، وآخر يحاول استعادة أمجاد الماضي وإثبات أن بوسعه أن يكون رقمًا صعبًا في اللعبة.
تاريخ المواجهات: أفضلية إنجليزية واضحة
التاريخ بين المنتخبين يوضح الفوارق الشاسعة: فقد التقت إنجلترا والولايات المتحدة 21 مرة، لم تفز الأمريكيات سوى في مناسبة واحدة، لكنها كانت الأهم، نهائي كأس العالم عام 1991، حين توجت الولايات المتحدة بأول لقب عالمي في تاريخ البطولة.
منذ ذلك الحين، انقلبت المعادلة بشكل كامل. إنجلترا تخوض مباراة الافتتاح وهي في سلسلة من 27 انتصارًا متتاليًا، منها سبعة انتصارات هذا العام وحده، بينما خاضت الولايات المتحدة ست مباريات في 2025، لم تحقق سوى فوز واحد، بصعوبة على فيجي (31-24).
إنجلترا: التركيز على العمل لا الضجيج
رغم التوقعات التي تصب في صالح إنجلترا، ترفض اللاعبات والمدربة سارة هانتر الانجرار وراء الأحاديث عن اكتساح محتمل. تقول لاعبة نصف الملعب ناتاشا “مو” هانت، التي ستخوض أول مباراة لها في كأس العالم منذ 2017:
“أنا متحمسة جدًا، لكن في النهاية هي مجرد مباراة رغبي أخرى. كل الأجواء المبهرة، من العلامات التجارية إلى الممرات والملعب، شيء عظيم. لكن بمجرد أن يبدأ اللقاء، الأمر لا يتجاوز كونه مباراة علينا أن نقاتل فيها.”
هذا التركيز على “اللحظة” هو ما تعتبره إنجلترا مفتاح النجاح، حيث تؤكد اللاعبات أن المبالغة في التفكير بأهمية المباراة قد يؤدي إلى أخطاء غير ضرورية.
الولايات المتحدة: بين ضغوط الواقع وسحر إيلونا ماهر
على الجانب الآخر، يدخل المنتخب الأمريكي اللقاء وهو مدرك للفارق الفني والبدني مع نظيره الإنجليزي. غير أن اهتمام الإعلام والجماهير منصب بدرجة كبيرة على إيلونا ماهر، مركز الارتكاز صاحبة الشعبية الجارفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تمتلك 8.8 مليون متابع على إنستغرام وتيك توك، وشاركت في برنامج Dancing with the Stars.
ماهــر تعي أن الأضواء مسلطة عليها، لكنها تتعامل مع الأمر بواقعية:
“نحن نعرف ما الذي ستقدمه إنجلترا. هناك تهديدات في كل مكان، لكن هذه التحديات مثيرة. نريد أن نكون فريقًا يغير اللعبة داخل وخارج الملعب.”
وتضيف أن النجاح بالنسبة لمنتخبها لا يُقاس فقط بالنتيجة، بل بكيفية تقديم أنفسهم كلاعبات قادرات على توسيع شعبية اللعبة في الولايات المتحدة والعالم.
مواجهة خاصة: ميغان جونز ضد ماهر
المواجهة الفردية بين ماهر واللاعبة الإنجليزية ميغان جونز جذبت كثيرًا من الاهتمام. فالأولى تتمتع بطول وقوة بدنية لافتة، بينما ترد الثانية بروح قتالية واضحة:
“قد تُظهر الفيزياء أنها أطول وأثقل مني، لكن الأمر لا يتعلق بحجم الكلب في القتال، بل بحجم القتال في الكلب. أؤمن بالشغف والفخر أكثر من الأرقام.”
المدرجات: رقم قياسي جديد
رغم أن المباراة لم تُعلن “مكتملة العدد” بعد، إلا أن 43 ألف تذكرة بيعت حتى الآن، وهو رقم يتجاوز ما حضر نهائي 2022 في أوكلاند (42,579 متفرجًا). المدربة المساعدة سارة هانتر، التي شاركت كلاعبة في كأس العالم 2010 حين استضافتها إنجلترا، وصفت الفارق بـ”الهائل”:
“قبل 15 عامًا، لم نكن نتخيل هذا المشهد. اليوم، لدينا مباراة افتتاحية بحضور جماهيري قياسي، ما يعني أن اللعبة وصلت إلى المكان الذي تستحقه.”
أبعاد أوسع: رياضة نسائية في لحظة تحول
هذه المباراة لا تُعد مجرد افتتاح بطولة، بل رمزًا لتحول أوسع يشهده مشهد الرياضة النسائية في بريطانيا والعالم. فبعد النجاح الباهر لكرة القدم النسائية الإنجليزية (الـ”لايونسز”)، تأتي بطولة الرغبي لتكمل صيفًا رياضيًا تاريخيًا، حيث يُنتظر أن تجذب الملاعب والجماهير أرقامًا غير مسبوقة.
الولايات المتحدة من جانبها ترى أن البطولة فرصة “تسويقية” بقدر ما هي رياضية. إذ تسعى لاعباتها، وعلى رأسهن ماهر، إلى جعل اللعبة أكثر جاذبية لجيل جديد من المتابعين، في بلد لم يزل يعتبر كرة القدم الأمريكية وكرة السلة والبيسبول ألعاب الصدارة.
التوقعات
ورغم كل الجاذبية الإعلامية، تبقى الحقيقة أن إنجلترا تدخل اللقاء بترسانة كاملة من المواهب والانضباط الدفاعي والهجومي، يجعلها المرشحة الأقوى للفوز. في المقابل، تحتاج الولايات المتحدة إلى مباراة مثالية، بأقل قدر من الأخطاء وبأقصى استغلال للفرص، إذا ما أرادت صنع مفاجأة تذكر الجماهير بتاريخ 1991.
باختصار: المباراة تجمع بين منتخب متعطش لتأكيد الزعامة العالمية، وآخر يسعى إلى إثبات الذات عبر نجومية فردية ورسالة جماعية عن دور الرياضة النسائية. النتيجة قد تكون محسومة على الورق، لكن على أرض الملعب، تبقى هناك دائمًا مساحة لمفاجآت تصنع التاريخ.