مجلس الوزراء اللبناني يناقش خطة لحصر السلاح بيد الدولة

يشهد لبنان هذا الأسبوع منعطفًا سياسيًا وأمنيًا حساسًا، مع تصاعد الجدل حول مسألة السلاح غير الشرعي، وخصوصًا سلاح حزب الله، وسط انقسام داخلي حاد وتوترات إقليمية متصاعدة. من أبرز المحطات المنتظرة، الاجتماع المرتقب لمجلس الوزراء يوم الجمعة، حيث يُنتظر أن تُطرح خطة الجيش اللبناني الرامية إلى حصر السلاح بيد الدولة وحدها، وهو مطلب لطالما أثار انقسامًا في المشهد السياسي اللبناني.
الجيش اللبناني في صلب النقاش: خطة لضبط السلاح
بحسب ما أُعلن، فإن خطة الجيش اللبناني التي ستُعرض على طاولة مجلس الوزراء، تضع الأسس لتوحيد القرار الأمني والعسكري تحت سلطة الدولة، بهدف تعزيز سيادتها وفرض القانون على كامل الأراضي اللبنانية. ويُفترض أن تُشكّل هذه الخطة نقلة نوعية في مقاربة الدولة لمسألة السلاح المتفلت والفصائل المسلحة، سواء تلك المرتبطة بأحزاب محلية أو جماعات خارجة عن القانون.
في هذا السياق، قال نائب رئيس الحكومة، سعادة الشامي، في تصريحات صحفية، إن “الجيش هو المؤسسة الوطنية التي تحظى بثقة جميع اللبنانيين، ولا بد أن تكون الجهة الوحيدة المخولة حمل السلاح وتنفيذ المهام الأمنية”. وأضاف: “نحن ملتزمون بمبدأ حصر السلاح بيد الدولة دون سواها، وهذا ما سنناقشه يوم الجمعة”.
موقف حزب الله: لا تسليم للسلاح قبل انسحاب إسرائيل
بموازاة طرح خطة الجيش، عاد الجدل إلى الواجهة مع تصريحات أدلى بها عدد من قيادات حزب الله، وعلى رأسهم نائب الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، الذي شدد على أن الحزب “لن يسلم سلاحه ما دامت هناك أراضٍ لبنانية محتلة من قبل إسرائيل”. وأوضح قاسم أن “المقاومة لا تزال ضرورة لحماية لبنان من التهديدات الإسرائيلية”.
هذا الموقف يُعيد التأكيد على الفجوة العميقة بين رؤية الدولة المركزية للسلاح، ورؤية حزب الله الذي يعتبر نفسه “جزءًا من معادلة الدفاع الوطني”، حسبما يردّد قادته.
تحذيرات من التصعيد: لا مصلحة في الصدام الداخلي
نائب رئيس الحكومة أطلق تحذيرًا لافتًا، قائلاً: “لا مصلحة لأحد أن يصطدم الجيش اللبناني بأي فئة لبنانية، ولا مصلحة لأي فئة في مواجهة الجيش”. وأضاف أن تحويل الخلاف السياسي حول السلاح إلى صراع ميداني قد يؤدي إلى منزلق خطير يشبه ما جرى في مراحل سابقة من تاريخ لبنان.
هذا التحذير يُفهم على أنه محاولة لخفض مستوى التوتر، خصوصًا أن بعض الجهات السياسية تعتبر أن النقاش حول نزع سلاح حزب الله يجب أن يتم ضمن حوار وطني شامل، وليس عبر قرارات تنفيذية قد تضع الجيش في مواجهة قوى لبنانية نافذة.
ملفات عالقة مع سوريا تعود إلى الواجهة
بالتزامن مع هذا النقاش، برزت مجددًا الملفات العالقة بين لبنان وسوريا، وخصوصًا ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية، إضافة إلى ضرورة ضبط الحدود لمنع التهريب وتسلل المسلحين. هذه الملفات قد تُستَغل سياسيًا من بعض الأطراف لربطها بالنقاش الداخلي حول السلاح، ما يُعقّد المشهد أكثر.
خلاصة: استحقاقات دقيقة ومخاوف من الانفجار الداخلي
لبنان يقف أمام استحقاقات دقيقة، قد تحدد شكل العلاقة بين الدولة والقوى المسلحة غير الرسمية في المرحلة المقبلة. وبين الضغوط الدولية والإقليمية، والانقسامات الداخلية، تبدو مهمة فرض سيادة الدولة محفوفة بالعقبات، ما يتطلب حوارًا وطنيًا شفافًا وتفادي أي انزلاق نحو التصعيد الداخلي.