مهمة صعبة.. جهود مكثفة لانتشال جثامين المحتجزين من تحت أنقاض غزة

في مهمة إنسانية معقدة وسط ركام الدمار، تبذل حركة حماس والفصائل الفلسطينية جهودًا متواصلة لانتشال جثامين المحتجزين الإسرائيليين من تحت أنقاض قطاع غزة، في ظل ظروف ميدانية غاية في الصعوبة. وتأتي هذه الجهود ضمن المرحلة الثانية من اتفاق شرم الشيخ الذي يهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار وتهيئة الأرض لبدء عملية إعادة الإعمار، فيما تلعب القاهرة دورًا محوريًا في دعم هذه المساعي وتقديم الدعم اللوجستي والتقني اللازم. وتتحرك الدبلوماسية المصرية بخطى حثيثة للحفاظ على استمرارية الاتفاق ومنع انهياره أمام محاولات إسرائيلية لنسفه، في وقت تواجه فيه عمليات البحث عراقيل كبيرة بسبب حجم الدمار ورفض الاحتلال تسهيل عمل الفرق الميدانية.
تدخل مصري واسع النطاق
قدّمت مصر مساعدات لوجستية ومعدات متطورة للمشاركة في تحديد أماكن الجثامين داخل القطاع، وفق ما كشفت مصادر لقناة “القاهرة الإخبارية”. كما ذكرت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية أن فريقًا مصريًا متخصصًا يعمل بالتنسيق مع الصليب الأحمر الدولي مستخدمًا آليات هندسية وشاحنات متقدمة للبحث في المناطق الأكثر تضررًا، من بينها النصيرات والشجاعية ورفح ومدينة حمد. وخلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، دخلت 18 آلية هندسية مصرية إضافية عبر معبر كرم أبو سالم، في إطار تنسيق ميداني مصري-إسرائيلي لتسهيل عمليات البحث. وتعمل الفرق الفنية المصرية جنبًا إلى جنب مع ممثلي الصليب الأحمر وحركة حماس، في مشهد يعكس إصرارًا مصريًا على إنجاح المهمة رغم العقبات السياسية والميدانية.
تحديات ميدانية وتعقيدات لوجستية
أوضح خليل الحية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة، أن عملية البحث عن جثامين المحتجزين الإسرائيليين تواجه “إشكاليات ضخمة” نتيجة التدمير الواسع الذي غيّر ملامح القطاع بشكل شبه كامل. وأشار إلى أن بعض من دفنوا الجثامين استُشهدوا أو فقدوا قدرتهم على تحديد المواقع، ما يجعل عملية الانتشال معقدة للغاية. ونفت حماس الادعاءات الإسرائيلية بشأن معرفتها الدقيقة بأماكن جميع الجثامين، مؤكدة أنها سلّمت حتى الآن 17 جثمانًا من أصل 28، فيما تعرقل قلة المعدات والدمار الذي طال نحو 90% من البنية التحتية استكمال العملية في بقية المناطق. وتؤكد الحركة التزامها بإتمام المرحلة الأولى من الاتفاق وتسليم الجثامين المتبقية، تجنبًا لأي ذريعة إسرائيلية للعودة إلى القتال.
عراقيل إسرائيلية مستمرة
في المقابل، تواصل إسرائيل وضع العراقيل أمام جهود البحث، إذ رفض جيش الاحتلال السماح بدخول فرق الصليب الأحمر وآليات هندسية إضافية إلى مدينة رفح للمشاركة في انتشال جثمان الجندي هدار جولدن، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية. كما نفّذت القوات الإسرائيلية عمليات هدم واسعة في المناطق الشرقية لمدينة غزة ومخيم البريج، بالتزامن مع قصف مدفعي كثيف طال أطراف خان يونس ومحيط جحر الديك، ما أدى إلى تدمير منازل جديدة وتعطيل جهود الإغاثة. وتكشف هذه الخروقات المتكررة حجم التحديات التي تواجهها القاهرة والفصائل الفلسطينية في الحفاظ على وقف إطلاق النار، فيما تواصل الأمم المتحدة التحذير من الكارثة الإنسانية التي أودت بحياة أكثر من 68 ألف فلسطيني وإصابة ما يفوق 170 ألفًا، في وقت تُقدّر فيه كلفة إعادة إعمار غزة بنحو 70 مليار دولار.



