من قمة القاهرة إلى مفاوضات شرم الشيخ ..كيف نجح الرئيس السيسي في إرساء السلام بقطاع غزة؟

في خضمّ واحدة من أعقد الأزمات التي شهدها الشرق الأوسط خلال العقد الأخير، برز الدور المصري كأحد أهم محاور الاستقرار في المنطقة.
فمنذ اندلاع المواجهات في غزة عام 2023، لم تتوقف القاهرة عن التحرك سياسيًا وإنسانيًا، واضعةً نصب عينيها هدفًا واحدًا: وقف نزيف الدم وفتح الطريق أمام السلام.
قمة القاهرة… البداية الحقيقية للمسار السياسي
في أكتوبر 2023، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى قمة القاهرة للسلام، بمشاركة أكثر من 30 دولة ومنظمة إقليمية ودولية، في لحظة كان فيها المشهد الإقليمي على حافة الانفجار.
وفي كلمته الافتتاحية، شدد الرئيس على أن “لا حل عسكريًا للصراع”، محذرًا من أن استمرار العمليات سيؤدي إلى اتساع رقعة النزاع في المنطقة بأكملها.
وخلال القمة، قدّم الرئيس خارطة طريق متكاملة تقوم على ثلاث مراحل:
1-وقف فوري لإطلاق النار وفتح الممرات الإنسانية.
2-بدء مفاوضات جادة بين الجانبين برعاية دولية.
3- إحياء مسار حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
تحركات ميدانية وإنسانية مكثفة
لم تكتفِ القاهرة بالتصريحات، بل تحركت عمليًا على الأرض.
فقد تحولت مدينة العريش ومعبر رفح إلى مركز دولي لعمليات الإغاثة، حيث أشرفت السلطات المصرية على إدخال مئات الشاحنات المحمّلة بالمساعدات الطبية والغذائية، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والهلال الأحمر المصري.
كما استقبلت مصر الجرحى والمرضى من قطاع غزة للعلاج في مستشفياتها الحدودية، في الوقت الذي كانت فيه العديد من المؤسسات الدولية عاجزة عن الدخول إلى القطاع.
مواجهة مخطط التهجير… وموقف مصري لا يلين
ومع تصاعد الحديث في بعض الأوساط الغربية عن “خطة لإعادة تموضع سكان غزة في سيناء”،
جاء الرد المصري حاسمًا: “لا تهجير من غزة ولا توطين في سيناء”.
هذا الموقف المبدئي — الذي أكد عليه الرئيس السيسي ووزارة الخارجية في أكثر من مناسبة — لقي تأييدًا عربيًا واسعًا، وأوقف أي محاولات لتمرير المخطط.
وساطة مصرية… واتفاق لوقف إطلاق النار
وبعد أسابيع من المفاوضات المعقدة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل،
نجحت الوساطة المصرية، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن.
ونُفذت المرحلة الأولى من الاتفاق عبر الأراضي المصرية، حيث جرى تسليم دفعات من الأسرى والرهائن إلى الصليب الأحمر ثم إلى الأطراف المعنية عبر معبر رفح، في مشهد جسّد ثقة المجتمع الدولي بالدور المصري.
دعم عربي ودولي لموقف القاهرة
حظيت التحركات المصرية بدعم عربي ودولي واسع؛ إذ أكدت دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أهمية دور القاهرة في منع انفجار الأوضاع، بينما ثمّنت الأمم المتحدة التسهيلات الإنسانية المصرية، مشيدةً بما وصفته بـ”الاستجابة السريعة والمسؤولة” من جانبها.
مصر.. ركيزة الاستقرار في الإقليم
نجاح مصر في التهدئة لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة سياسة متوازنة تبناها الرئيس السيسي منذ توليه الحكم، تقوم على رفض الحروب بالوكالة، وتغليب الحلول السياسية، وحماية الأمن القومي العربي.
ومع كل جولة من جولات التوتر في غزة، تثبت القاهرة أنها الوسيط الأكثر قدرة على جمع الأطراف المتناقضة على طاولة واحدة، وإقناعها بخطوات عملية تضمن الحفاظ على الأرواح.
الخلاصة
من قمة القاهرة إلى مفاوضات شرم الشيخ، مرّ الدور المصري بمراحل متعددة،
لكنّ نتيجته واحدة: وقف نزيف الدم الفلسطيني، ومنع تهجير الأبرياء، وفتح نافذة جديدة نحو سلامٍ حقيقيّ.
وفي عالمٍ يتنازع فيه الجميع على النفوذ، تبقى القاهرة — بقيادة الرئيس السيسي — عنوانًا للعقلانية والاتزان في مواجهة عواصف الشرق الأوسط.
اقرا ايضا :المقاومة في الضف ة تُفقد أنفاسها: جنين من «عاصمة الشهداء» إلى مدينة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة



