عرب وعالم

تقرير الجارديان: عسكرة ترامب لأجهزة إنفاذ القانون تهدد حياد الجيش الأمريكي

حذّرت صحيفة الجارديان البريطانية في افتتاحيتها من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدفع الولايات المتحدة نحو مرحلة خطيرة من عسكرة أجهزة إنفاذ القانون، محذّرة من أن ذلك يشكل تهديدًا مباشرًا لحياد القوات المسلحة الأمريكية واستقلاليتها عن السياسة الداخلية.

وقالت الصحيفة إن وصول وحدات من الحرس الوطني في ولايتي تكساس وإلينوي إلى منطقة شيكاغو هذا الأسبوع مثّل تصعيدًا جديدًا في صراع ترامب مع حاكم إلينوي الديمقراطي جي بي بريتزكر، الذي يعارض بشدة هذا الانتشار العسكري.

وقد اتهم ترامب الحاكم وعمدة شيكاغو براندون جونسون بـ“الفشل في حماية ضباط الهجرة الفيدراليين”، مضيفًا أن كليهما “يستحقان السجن”، في تصريحات وصفتها الجارديان بأنها تؤكد الطابع السياسي لهذا التحرك العسكري.

انتهاك مبدأ حظر استخدام الجيش داخليًا

ذكرت الجارديان أن شيكاغو أصبحت أحدث ساحة في حملة ترامب لكسر القاعدة الدستورية التي تمنع استخدام القوات المسلحة لأغراض إنفاذ القانون داخل الولايات المتحدة.

فقد تم بالفعل نشر الحرس الوطني في لوس أنجلوس وواشنطن العاصمة، وعدد محدود في ممفيس، بينما منعت محكمة اتحادية انتشاره في بورتلاند بولاية أوريغون.

وبينما يبرّر ترامب الخطوة بأنها ضرورية لمكافحة الجريمة وحماية ممتلكات الحكومة ضمن برنامجه الواسع لترحيل المهاجرين، ترى الجارديان أن الأمر أقرب إلى محاولة “استيلاء على السلطة” تهدف إلى تشكيل قوة عسكرية داخلية تخضع مباشرة للرئيس، وتعمل ضد إرادة حكومات الولايات.

التحايل على القانون واختلاق “أزمات”

أشارت الصحيفة إلى أن ترامب يتحايل على قانون “بوسي كوميتاتوس” الذي يحظر استخدام الجيش لتطبيق القوانين الداخلية، من خلال إعلان “حالات طوارئ مفتعلة”.

فقد وصف بورتلاند بأنها “منطقة حرب”، رغم أن القاضية الفيدرالية كارين إيميرغوت — التي عيّنها ترامب نفسه — أكدت أن مزاعمه “منفصلة تمامًا عن الواقع”.

كما وصف شيكاغو بأنها “جحيم الجريمة”، رغم أن معدلات الجريمة انخفضت بشكل كبير منذ ذروة جائحة كورونا.

ولفتت الجارديان إلى أن جميع المدن المستهدفة هي مدن ديمقراطية، مشيرة إلى دراسة أكاديمية حديثة خلصت إلى أن انتماء العمدة الحزبي “لا تأثير له تقريبًا على معدلات الجريمة أو الاعتقالات”.

أساليب عسكرية واستعراض إعلامي

تحدثت الجارديان عن عمليات مداهمة ذات طابع عسكري ينفذها عملاء الهجرة الفيدراليون بمرافقة الإعلام.

ففي عملية دهم بجنوب شيكاغو الأسبوع الماضي، استُخدمت شاحنات غير مميزة وطائرات مروحية، وتم تقييد أيدي السكان بمن فيهم الأطفال، بحسب منظمات حقوقية.

وترى الصحيفة أن هذه الأساليب الاستعراضية تستفز الغضب الشعبي لتكون ذريعة جديدة لنشر الحرس الوطني بحجة “ضبط الفوضى”.

العدو الداخلي والمبرر الخارجي

قالت الجارديان إن تضخيم خطر العصابات الأجنبية مثل منظمة “ترين دي أراغوا” الفنزويلية يُستخدم لتبرير هذا النهج الأمني المفرط، مضيفة أن ترامب يسعى لربطها بخطر “العدو الخارجي” المتمثل في فنزويلا.

وفي خطاب ألقاه أمام كبار ضباط الجيش الأسبوع الماضي، أعلن ترامب أن أمريكا “تتعرض لغزو من الداخل”، مؤكدًا أن مكافحة هذا “العدو الداخلي” ستكون جزءًا من مهمة الجيش الجديدة، واقترح أن تُستخدم المدن التي يديرها الديمقراطيون “كميادين تدريب” للقوات المسلحة.

مقاومة قضائية محدودة وخطر على الديمقراطية

أشارت الجارديان إلى أن القضاء الأمريكي بدأ يُبدي مقاومة جزئية لسياسات الرئيس.

فقد أصدرت القاضية إيميرغوت أوامر تقييد مؤقتة ضد نشر قوات الحرس الوطني في ولايتي أوريغون وكاليفورنيا، كما منع قاضٍ اتحادي الشهر الماضي مشاركة الجنود في مهام إنفاذ القانون في أنحاء كاليفورنيا.

لكن وزارة العدل أعلنت نيتها استئناف تلك الأحكام، مما يفتح الباب لصراع قضائي متصاعد.

 

وأضافت الصحيفة أن ترامب، رغم التزامه حتى الآن بقرارات المحاكم، يستغل كل تأجيل قضائي لترسيخ سابقة خطيرة، داعية المحكمة العليا الأمريكية إلى تحديد ضوابط واضحة لاستخدام الجيش داخل الأراضي الأمريكية.

اختتمت الجارديان افتتاحيتها بالتحذير من أن ما يجري يمثل تهديدًا مباشرًا لركيزة أساسية في الديمقراطية الأمريكية، هي حياد المؤسسة العسكرية.

وقالت الصحيفة:

“إن سرعة تحرك الرئيس لتحويل الجيش إلى أداة تنفيذية خاضعة له شخصيًا يجب أن تدق ناقوس الخطر. فاستقلال القوات المسلحة هو أحد أعمدة النظام الدستوري الأمريكي — ومع كل خطوة جديدة، يبدو أن ترامب يضع هذا المبدأ في مهب الريح.”

اقرا ايضا

نشطاء “أسطول غزة” يتّهمون إسرائيل بالضرب والإهانة أثناء احتجازهم

نيرة احمد

نيرة أحمد صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى