الجارديان: الحرب في غزة يُفترض أنها انتهت.. لكن احذروا: من دون الحقيقة والعدالة لن تنتهي أبدًا

يؤكد دونالد ترامب أن الحرب في غزة انتهت. لكنها في الحقيقة لم تنتهِ. صحيح أن وتيرة العنف تراجعت، لكن القوات الإسرائيلية قتلت – بحسب التقارير – نحو 100 فلسطيني وأصابت المئات منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 10 أكتوبر. لا تزال المساعدات الغذائية مقيدة بشدة، والاحتلال قائم في غزة والضفة الغربية، وهناك مخاوف أمريكية من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يتنصل من الاتفاق كما فعل في السابق.
في المقابل، لم تتوقف عناصر من حماس وبعض الفصائل المسلحة عن القتال، ولم يتم نزع سلاح الحركة أو انسحاب القوات الإسرائيلية إلى خطوط التماس المتفق عليها بالكامل. أما الخطط الأمريكية الخاصة بإعادة الإعمار والأمن والحكم، فما تزال غامضة ومحل جدل واسع. والأهم أن جذور الصراع، وعلى رأسها إنكار السيادة الفلسطينية وحق الدولة، لم تُعالج بعد. ما لم يتغير ذلك، فإن اندلاع جولة جديدة من العنف ليس سوى مسألة وقت.
لكن لنفترض، على سبيل الأمل، أن ترامب محق، وأن السلام المستدام بدأ يتشكل من تحت أنقاض غزة. ما الذي يجب أن يحدث بعد ذلك؟
العدالة هي ما يجب أن يحدث. فمثلما في كل مرحلة ما بعد الصراعات، يحتاج الأحياء والأموات – من الإسرائيليين والفلسطينيين – إلى حساب عادل يُنصف الضحايا ويُحمّل المذنبين المسؤولية.
ينبغي محاسبة كل من ارتكب أو أمر بارتكاب جرائم حرب منذ 7 أكتوبر 2023. فهناك آلاف الضحايا على الجانبين، ومعاناتهم تستدعي الاعتراف والتعويض والمساءلة. وإذا كان الهدف هو منع اندلاع حرب جديدة، فلا بد من إنهاء الإفلات من العقاب.
من غير المقبول أن تمر الجرائم الكبرى، كالإبادة الجماعية، بلا عقاب. والمثير للدهشة أن خطة ترامب “التاريخية” للسلام المكونة من 20 بندًا لم تتضمن أي إشارة إلى آلية للتحقيق أو العدالة أو المصالحة. كما أن القادة الأوروبيين والعرب والبريطانيين التزموا الصمت، وكأنهم يريدون طي صفحة الأحداث المخزية للعامين الماضيين.
قد يُفسَّر ذلك بتواطؤ بعض الحكومات بدرجات مختلفة، أو بعجزها عن التأثير في مجريات الحرب. كما أظهر الصراع فشلًا مجتمعيًا خطيرًا في التمييز بين معاداة السامية الحقيقية، وبين الانتقاد المشروع لسياسات إسرائيل، وهو فشل استغله نتنياهو وبعض قادة الجاليات اليهودية في الخارج.
ويقول الكاتب إن العدالة ليست عائقًا أمام السلام بل شرطًا له، مستشهدًا بتجارب دول مثل سيراليون، الأرجنتين، رواندا، جنوب أفريقيا، كمبوديا ويوغوسلافيا السابقة، حيث أثبتت لجان الحقيقة والمصالحة أن مواجهة الماضي هي الطريق إلى المستقبل.
في هذا السياق، يشير تيسدال إلى أن المحكمة الجنائية الدولية وجهت العام الماضي اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لكل من نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، وكذلك لزعيم حماس الراحل محمد الضيف. ويصف بقاء هؤلاء “الفارين من العدالة” أحرارًا بأنه “عار”، داعيًا إلى تسليمهم للمحكمة أو فرض عقوبات دولية على من يرفض التعاون.
ويضيف أن سلوك الجيش الإسرائيلي في غزة “هزّ ضمير العالم” وألحق ضررًا بالغًا بسمعة إسرائيل، إذ تُتهم قواتها بانتهاك القانون الدولي الإنساني واستهداف المدنيين عمدًا، وفق منظمات دولية وأممية. وإن كان هذا الحكم قاسيًا، فطريق إسرائيل لتبرئة نفسها هو السماح بتحقيق مستقل وشفاف.
كذلك ينبغي تحميل حركة حماس المسؤولية عن جرائمها ضد المدنيين والرهائن. ويستشهد الكاتب بعدة حوادث، منها إعدام 15 مسعفًا فلسطينيًا في مارس، ومقتل الصحفية فاطمة حسونة وعائلتها في قصف على منزلهم في غزة في أبريل، وإطلاق النار على مدنيين كانوا ينتظرون المساعدات في يونيو.
الأمم المتحدة وعدد من الحكومات وخبراء القانون يتهمون إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية، رغم نفيها ذلك. المحكمة الدولية في لاهاي كانت قد خلصت في يناير إلى وجود “خطر واضح بوقوع إبادة”، لكن الحكم النهائي قد لا يصدر قبل 2028، وهو تأخير وصفه تيسدال بأنه “غير مقبول”.
ويخلص الكاتب إلى أن ما هو مطلوب الآن هو إنشاء محكمة جنائية دولية خاصة بغزة، على غرار محاكم يوغوسلافيا ورواندا، بتفويض من الأمم المتحدة للتحقيق في انتهاكات إسرائيل وحماس وكل الأطراف المتورطة، بما في ذلك الولايات المتحدة وإيران والدول التي زوّدت إسرائيل بالسلاح مثل بريطانيا.
ويختتم تيسدال مقاله بالقول:
“المحكمة الدولية ليست انتقامًا، بل وسيلة للعدالة والإصلاح. لا يمكنها تغيير ما حدث، لكنها قد تمنع تكراره. فبدون الحقيقة والمساءلة، لن تنتهي الحرب في غزة حقًا.
إقرأ أيضا:
دعاء القصاص رئيساً تنفيذياً لقطاع الأعمال في شركة «ICT Misr»



