عرب وعالم

الغموض يكتنف مصير اليورانيوم الإيراني بعد القصف الأمريكي الإسرائيلي

منذ الضربات الجوية المكثفة التي شنّتها إسرائيل بمشاركة الولايات المتحدة ضد المنشآت النووية الإيرانية في يونيو الماضي، يخيّم الغموض على مصير مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب. وبينما يؤكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن أكثر من 400 كغم من المواد الانشطارية ما زالت مدفونة تحت أنقاض المواقع المقصوفة، ترى القوى الغربية أن طهران قد تكون أخفت هذه المواد قبل الهجمات. هذه الأزمة تضع البرنامج النووي الإيراني في قلب مواجهة جديدة مع أوروبا والولايات المتحدة، في ظل تهديد بإعادة فرض العقوبات الدولية عبر آلية “سناب باك” بنهاية الشهر الجاري.

 

اعتراف نادر من طهران

 

في تصريح علني غير معتاد، قال وزير الخارجية عباس عراقجي إن المواد النووية “موجودة تحت ركام المنشآت التي تعرضت للقصف”. وأشار إلى أن هيئة الطاقة الذرية الإيرانية تقيّم إمكانية الوصول إليها. هذا الاعتراف اعتُبر إشارة ضمنية إلى حجم الضرر الذي أصاب البنية التحتية النووية الإيرانية.

 

تضارب في تقييم حجم الدمار

 

بينما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن برنامج إيران النووي “تمت إبادته”، يشكك خبراء ودبلوماسيون غربيون في دقة هذا التصريح. تقديرات الاستخبارات الغربية لا تزال متباينة بشأن مدى الخسائر، وما إذا كانت طهران قد نجحت في نقل مخزونها الحيوي قبل الضربات.

تعليق التعاون مع الوكالة الدولية

 

إيران أوقفت تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد الحرب، ما جعل من المستحيل على المفتشين تقييم الوضع بدقة أو التأكد من مكان المخزون النووي. هذا التعتيم فاقم من الشكوك الأوروبية والأمريكية حول نوايا طهران.

 

عودة سيف العقوبات عبر “سناب باك”

 

بريطانيا وألمانيا وفرنسا فعّلت في أغسطس الماضي آلية “سناب باك” المنصوص عليها في الاتفاق النووي لعام 2015، بسبب رفض إيران السماح بالتفتيش الكامل. ووفق الآلية، أمام طهران مهلة 30 يوماً قبل إعادة فرض العقوبات الأممية بشكل تلقائي، ما يمنح نافذة ضيقة للغاية للدبلوماسية.

 

ورقة تفاوض أخيرة بيد إيران

 

يرى محللون أن إيران تُبقي على الغموض بشأن موقع وحالة مخزونها النووي كورقة ضغط تفاوضية. فإتاحة المجال للمفتشين الدوليين قد يُستخدم كتنازل تكتيكي لإعادة واشنطن إلى طاولة المفاوضات، أكثر منه خطوة فعلية نحو الشفافية الكاملة.

 

الموقف الأوروبي بين التشدد والدبلوماسية

 

الدول الأوروبية الثلاث شددت على أن إيران “تخفي الحقائق عن المجتمع الدولي” وترفض السماح بالتحقق من المخزون النووي. لكنها في الوقت نفسه تركت الباب مفتوحاً أمام حل دبلوماسي، رغم القلق من أن طهران قد تُفجّر الاتفاق الهش بالكامل إذا أعيد فرض العقوبات.

 

الاتفاق مع الوكالة الدولية: خطوة غامضة

 

مدير الوكالة الدولية رافاييل غروسي أعلن عن “اتفاق أولي” مع إيران لاستئناف التعاون، لكن من دون تفاصيل واضحة أو جدول زمني لزيارة المفتشين إلى مواقع مثل فوردو ونطنز. عراقجي أكد بدوره أن أي تفتيش “ليس مطروحاً حالياً” وأن الاتفاق سيسقط تلقائياً إذا مضت أوروبا في إعادة فرض العقوبات.

 

البرنامج النووي كورقة صراع مفتوح

 

إيران، التي بدأت توسيع أنشطتها النووية منذ انسحاب ترامب من الاتفاق عام 2018، تجد نفسها اليوم أمام معادلة معقدة: إما تقديم تنازلات تكشف أوراقها الحساسة، أو مواجهة إعادة فرض العقوبات الأممية. وفي كل الأحوال، يبقى الغموض حول مصير مخزون اليورانيوم بمثابة أداة مساومة خطيرة في لعبة شد الحبال بين طهران والغرب.

اقراء أيضاً: 

تصعيد دبلوماسي.. الإمارات تدعم قطر وتواجه الاستفزازات الإسرائيلية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى