من حربي أوكرانيا وغزة لأفغانستان.. 7 رسائل في مؤتمر ترامب وستارمر

اجتمع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في مؤتمر صحفي مشترك بلندن، في مشهد سياسي جسد الروابط التاريخية بين البلدين. المؤتمر حمل رسائل متباينة حول ملفات دولية معقدة، شملت الحرب في أوكرانيا وغزة، قضايا حرية التعبير، والانسحاب الأمريكي من أفغانستان. كما أبرز المؤتمر توافقًا حول التعاون التكنولوجي والتحديات الأمنية العالمية، في وقت يسعى فيه القادة لإظهار وحدة استراتيجية بين واشنطن ولندن، وسط تداعيات الصراعات الدولية والتوترات الإقليمية. الشبكة الأمريكية سي إن إن اعتبرت المؤتمر منصة لتسليط الضوء على التحديات الراهنة والفرص المستقبلية للتحالف بين أكبر ديمقراطيتين غربيتيين.
ازدهار التكنولوجيا: اتفاقية لتعزيز الابتكار
افتتح ستارمر المؤتمر بالتأكيد على الروابط التاريخية بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، مشددًا على استعداد البلدين لرسم ملامح القرن الحالي معًا. قبل المؤتمر، أعلن الزعيمان توقيع “اتفاقية ازدهار تكنولوجي” لتعزيز التعاون في مجالات الابتكار الرقمي والذكاء الاصطناعي. الاتفاقية تهدف إلى تبادل الخبرات العلمية، دعم المشاريع الناشئة، وتطوير حلول مبتكرة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية. كما أشار ستارمر إلى أن التعاون التكنولوجي سيكون جزءًا أساسيًا من تعزيز الشراكة الاستراتيجية، ما يعكس رغبة الجانبين في الجمع بين القوة الاقتصادية والابتكار الرقمي لتعزيز مكانتهما العالمية.
الحرب الأوكرانية: ضغوط على بوتين
ركز النقاش على الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث اعتبر ستارمر أن استمرار الهجمات يعكس غياب نية السلام من جانب الرئيس فلاديمير بوتين. وشدد على ضرورة زيادة الضغوط الدولية للتوصل إلى اتفاق سلام دائم. من جانبه، قال ترامب إن بوتين “خذله”، مشيرًا إلى تعقيد الوضع أكثر مما توقع، وأضاف أن تراجع أسعار النفط قد يدفع روسيا إلى تقليص عملياتها العسكرية. النقاش بين الزعيمين سلط الضوء على اختلاف وجهات النظر حول إدارة الصراعات العالمية، لكنه أكد على أهمية التعاون الغربي لمواجهة أي تهديد أمني دولي.
غزة: مأساة إنسانية بلا حل
بالنسبة لحرب غزة، وصف ستارمر الوضع الإنساني بأنه “لا يُطاق”، وأعرب عن أمله في أن يسهم اعتراف بريطانيا بدولة فلسطينية في فتح طريق نحو السلام. على الجانب الآخر، رفض ترامب الفكرة مؤكدًا أن الأولوية تكمن في “إطلاق سراح المحتجزين فورًا”، دون تقديم تفاصيل عن استراتيجيته لإنهاء الصراع أو الضغط على إسرائيل. المؤتمر أظهر الانقسام في المواقف الغربية تجاه النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، ما يعكس التعقيدات السياسية والأزمات الإنسانية المتشابكة التي تواجه صناع القرار على المستوى الدولي.
أفغانستان: العودة إلى باجرام
أعلن ترامب أن الولايات المتحدة تسعى لاستعادة السيطرة على قاعدة باجرام الجوية في أفغانستان، معتبرًا انسحاب إدارة بايدن عام 2021 “فوضويًا وكارثيًا”. تصريحات ترامب جاءت في سياق التقييم النقدي للسياسات الأمريكية السابقة في المنطقة، وسط سعيه لإظهار موقف حازم تجاه التحديات الأمنية التي تركها الانسحاب المفاجئ. ستارمر لم يعلق بشكل مباشر، لكن المؤتمر أشار إلى أن ملف أفغانستان لا يزال يشكل نقطة خلافية في السياسة الدولية، ويتطلب إعادة تقييم التدخلات العسكرية والأمنية بما يحافظ على الاستقرار الإقليمي.
حرية التعبير: مواجهة الانتقادات
تطرق ستارمر إلى الانتقادات الموجهة من إدارة ترامب حول حرية التعبير في المملكة المتحدة، مؤكدًا أنها “قيمة أساسية ومحمية بشكل صارم”. من جانبه، وصف ترامب الإعلامي الأمريكي جيمي كيميل بأنه “شخص غير موهوب”، مدعيًا أن إقالته كانت نتيجة ضعف الأداء وتراجع التقييمات. النقاش كشف عن حساسية ملف الإعلام وحرية التعبير في الغرب، وكيف يمكن أن تتحول الانتقادات السياسية إلى سجالات علنية تؤثر على صورة الحكومات والقادة أمام الرأي العام الدولي.
الشخصيات والأزمات: من تشارلي كيرك إلى ماندلسون
تحدث ترامب عن اغتيال الناشط المحافظ تشارلي كيرك، معبرًا عن اعتقاده بأن كيرك كان سيصبح “رئيسًا للولايات المتحدة يومًا ما”، في إشارة إلى تأثيره داخل التيار المحافظ. أما قضية السفير البريطاني بيتر ماندلسون، الذي أُقيل بعد ثبوت صلاته بجيفري إبستين، فامتنع الزعيمان عن الرد المباشر، رغم تداول صور تجمع ترامب بماندلسون في المكتب البيضاوي. هذا التزام الصمت أظهر التوتر بين السياسات الداخلية والفضائح الشخصية، وأكد على حساسية إدارة الملفات التي قد تؤثر على التحالفات الدولية.
رؤية مستقبلية: تحالف أم تحديات؟
المؤتمر لم يقتصر على استعراض الملفات الحالية، بل ألقى الضوء على الرغبة في صياغة تحالف متين بين واشنطن ولندن يواكب التحديات الأمنية والتكنولوجية. رغم الخلافات الواضحة في الملفات الساخنة، بدا أن كلا الزعيمين يسعى لإظهار وحدة استراتيجية، سواء في مواجهة الصراعات الإقليمية أو تعزيز الشراكات الدولية. التحالف الجديد يحمل فرصًا لتعزيز الابتكار الرقمي والدبلوماسية العالمية، لكنه يواجه اختبارًا حقيقيًا في التوازن بين المبادئ الإنسانية والمصالح السياسية على الساحة الدولية.