عقوبات مدمرة.. خبراء إسرائيليون يحذرون من الثمن الاقتصادي الباهظ لاحتلال غزة

حذّر نحو 80 خبيرًا اقتصاديًا إسرائيليًا بارزًا، عبر رسالة نشرتها القناة 12 الإسرائيلية، من التداعيات الكارثية التي قد تترتب على خطة احتلال قطاع غزة. الرسالة، الموقعة من أعضاء “منتدى الاقتصاديين من أجل الديمقراطية”، تضم شخصيات اقتصادية مرموقة مثل نائب محافظ بنك إسرائيل السابق تسفيكا إيكشتاين، وعدد من المديرين العامين السابقين لوزارة المالية، وأعضاء في اللجنة النقدية للبنك المركزي. ويرى هؤلاء الخبراء أن الخطة لن تقتصر على خسائر بشرية فادحة، بل ستفتح الباب أمام انهيار اقتصادي شامل يمتد من ارتفاع الإنفاق العسكري إلى التزامات مدنية ضخمة، وصولًا إلى مخاطر العقوبات الدولية والتراجع الحاد في مستويات المعيشة.
فاتورة مالية باهظة
يرى الخبراء أن احتلال قطاع غزة سيحمّل إسرائيل أعباء مالية هائلة على مستويين رئيسيين. الأول يتمثل في تضخم الميزانية العسكرية بعشرات المليارات سنويًا، نتيجة الحاجة لتمديد الخدمة الاحتياطية وشراء المزيد من الأسلحة والمعدات للحفاظ على السيطرة الأمنية. أما المستوى الثاني، فيرتبط بالالتزامات المدنية التي يفرضها القانون الدولي على القوة المحتلة، بما يشمل إدارة شؤون مليوني نسمة من سكان القطاع، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية والبنية التحتية الأساسية. وقدّر الخبراء التكلفة السنوية لهذه الالتزامات بما لا يقل عن 60 مليار شيكل (نحو 18 مليار دولار).
تداعيات دولية خطيرة
الرسالة التحذيرية لم تقتصر على الأعباء الداخلية، بل توقعت فرض عقوبات اقتصادية واسعة من دول أوروبية، ما سيؤثر بشكل مباشر على الشراكات التجارية مع القطاع الخاص الأوروبي. ويؤكد الخبراء أن أوروبا تعد الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل، وأن فقدان هذا السوق الحيوي سيؤدي إلى تراجع في الصادرات وتهديد قطاعات تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة. كما أشاروا إلى أن اتساع دائرة العقوبات لتشمل دولًا غربية أخرى سيقلّص خيارات إسرائيل الاقتصادية بشكل غير مسبوق، ما يفاقم الأزمات ويضعف قدرة الاقتصاد على الصمود.
هجرة الكفاءات وتفكك النسيج الاقتصادي
يحذر التقرير من أن استمرار العملية العسكرية وما يصاحبها من أزمات اقتصادية سيؤدي إلى تسارع هجرة الكفاءات العلمية والتقنية إلى الخارج، الأمر الذي سيحرم إسرائيل من رأسمالها البشري الأكثر أهمية. كما أن جيل الشباب، الذي يقضي سنوات حاسمة في الخدمة العسكرية الاحتياطية، سيتأثر سلبيًا على مستوى التعليم والخبرة المهنية. هذه العوامل مجتمعة تهدد بتقويض البنية الإنتاجية للاقتصاد الإسرائيلي على المدى الطويل، إضافة إلى التكاليف المرتبطة بمعالجة المصابين جسديًا ونفسيًا جراء استمرار العمليات.
شبح أزمة ديون
يتوقع الخبراء أن يؤدي الجمع بين الإنفاق العسكري الضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي إلى ارتفاع خطير في نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي. هذا السيناريو قد يدفع إسرائيل إلى مواجهة أزمة ديون مشابهة لما شهدته دول مثل اليونان والأرجنتين، مع خفض محتمل للتصنيف الائتماني من الوكالات العالمية، ما يزيد تكلفة الاقتراض الحكومي. كما أن ارتفاع الفوائد سيؤدي إلى تقلص الاستثمارات وانكماش إضافي في النمو الاقتصادي، لتدخل البلاد في دوامة مالية مدمرة. وفي هذه الحالة، قد تُضطر الحكومة لاعتماد سياسات تقشفية قاسية، تشمل رفع الضرائب وتقليص الخدمات العامة.
تحذير أخير
خلص الخبراء إلى أن خطة احتلال غزة لن تقتصر على التضحيات البشرية الفادحة، بل ستُلحق ضررًا عميقًا وطويل الأمد بالاقتصاد الإسرائيلي، من تراجع مستويات المعيشة إلى فقدان الكفاءات وتفاقم الديون. وأكدوا أن المضي في هذه السياسة سيقود إلى ثمن باهظ يدفعه المجتمع الإسرائيلي بأسره، بما يشمل انهيار الثقة في الاستقرار المالي للدولة، وتآكل مكانتها الاقتصادية إقليميًا ودوليًا.



