قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن تفكيك قطاع غزة عبر تدمير أنفاق ما أسماها «أنفاق الإرهاب» التابعة لحركة حماس ونزع سلاحها يشكّلان من بين الأهداف الاستراتيجية الأبرز لتحقيق النصر في القطاع. وفي منشور عبر منصة «إكس»، وصف كاتس مهمة إعادة المحتجزين والقتلى إلى ديارهم بأنها المهمة الأخلاقية الأكثر إلحاحًا، مؤكداً أن إسرائيل ستبذل كل جهد للوصول إلى هذا الهدف. وأضاف أن مهمة تدمير الأنفاق تأتي ضمن أولويات القيادة العسكرية، مشيراً إلى أن نحو ستين في المئة من شبكة الأنفاق لا تزال قائمة بحسب تقديراته، وأن الجيش تم توجيهه لجعل تدمير تلك الأنفاق محور عملياته في المنطقة الصفراء مع الحفاظ على حماية الجنود والمستوطنات. وتزامنت تصريحات كاتس مع حوارات مستمرة مع الولايات المتحدة حول استراتيجيات التعامل مع البنية التحتية لحماس، مشدداً على ضرورة نزع سلاح الحركة كجزء من تسوية مستقبلية للأمن في المناطق المتأثرة. وأكد كاتس أن هذه العمليات ستستمر وفقاً لمتابعة ميدانية دقيقة وتقييم مستمر للمخاطر، مع السعي إلى تقليل الخسائر المدنية قدر الإمكان.
الرؤية الاستراتيجية: نزع السلاح كتغيير في قواعد اللعبة
على المستوى الاستراتيجي، عرض كاتس رؤية تقضي بجعل نزع السلاح وتفكيك البنى التحتية لحركة حماس ركيزتين أساسيتين لأي عملية تهدف إلى إحكام السيطرة على قطاع غزة ومنع تكرار هجمات واسعة على إسرائيل. وأوضح أن التركيز لا يقتصر على عمليات ضرب نقطية بل يستلزم تخطيطاً طويل الأمد لتفكيك الهياكل اللوجستية والقيادية داخل الحركة، بما في ذلك استهداف الأنفاق التي تعتبر بحسب قوله وسيلة رئيسية لنقل المقاتلين والأسلحة.
هذه الرؤية، إذا ما طُبّقت بمستواها المقترح، ستستلزم إعادة تنظيم عمليات الاستخبارات والعمليات البرية والهندسية، فضلاً عن إجراءات أمنية واسعة لحماية المواقع الإسرائيلية والمناطق المدنية المحاذية للقطاع. ويجمع محللون أن أي محاولة لتغيير الواقع الميداني بهذا الشكل ستواجه تحديات لوجستية وسياسية كبيرة، لا سيما في ما يتعلق بتبعاتها على المدنيين وإمكانية حصول فراغ أمني أو تكاليف إنسانية إضافية.
التعليمات الميدانية: الأنفاق محور العمل العسكري
على الصعيد التنفيذي، أعلن كاتس أنه وجّه الجيش إلى جعل تدمير الأنفاق الأولوية المركزية داخل «المنطقة الصفراء» التي تسيطر عليها القوات الإسرائيلية، مع احتفاظ القيادة بأولوية حماية الجنود والمستوطنات المجاورة. وبيّن أن عمليات تدمير البنية التحتية للأنفاق ستتضمن استخدام تقنيات هندسية متقدمة واستقدام قدرات مساعدة للتعامل مع الشبكات المعقدة تحت الأرض. وفي الوقت ذاته، أشار إلى الحاجة لتنسيق العمليات الاستخباراتية مع الحلفاء، مؤكداً استمرار تبادل المعلومات مع الولايات المتحدة. وتعكس هذه التعليمات تحولاً في الأولويات الميدانية يضع التركيز على قدرات الهندسة العسكرية وإدارة التضاريس تحت الأرض، مما يستلزم موارد بشرية ومادية كبيرة ومقاربة زمنية قد تطول في شأنها جهود إعادة الاعمار والرقابة على الحدود.
البعد الدبلوماسي: تنسيق مع واشنطن وخطة شاملة مقترحة
سياسياً ودبلوماسياً، شدد كاتس على أن هذه الإجراءات تترافق مع حوارات رفيعة المستوى مع واشنطن، تشمل نائب الرئيس ووزيري الخارجية والدفاع ومبعوثي البيت الأبيض، بالإضافة إلى قادة القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم”، بهدف التنسيق بشأن الأساليب والأهداف، وفق قوله. وأشار أيضاً إلى أهمية تنفيذ ما وصفه «خطة الرئيس ترامب» لمعالجة شاملة للقضايا الأمنية في المناطق التي تقع تحت ولاية أمريكية، في إشارة إلى مبادرات سابقة تعنى بترتيبات أمنية وإدارية. وتأتي هذه المعطيات في سياق تحرك إسرائيلي يسعى للحصول على دعم دولي أو على الأقل ضمانات تحدّ من قدرة حماس على إعادة تجنيد قدراتها العسكرية، بينما يطرح خصوم هذه الاستراتيجية مخاطر طويلة الأمد تتعلق بالشرعية الدولية والتداعيات الإنسانية، ما يفتح نقاشات محتدمة حول أطر وقف النار وسبل حماية المدنيين.
مسار التنفيذ والتداعيات المتوقعة
تطرح تصريحات كاتس خارطة طريق واضحة للأولويات الإسرائيلية في المدى القريب والمتوسط: تدمير الأنفاق ونزع السلاح وعودة المحتجزين. لكن طريق التنفيذ يظل محفوفاً بتحديات تقنية وإنسانية وسياسية، تتطلب موازنة دقيقة بين الضغوط الأمنية والالتزامات الدولية المتعلقة بحماية المدنيين. سيكون لنجاح هذه الخطة أثر مباشر على المشهد الأمني الإقليمي وعلى مستقبل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تسوية الأزمة، ما يجعل تفاصيل التنفيذ ومدى التعاون الدولي عناصر حاسمة لتحديد نتائجها على الأرض. وستشكل الشفافية في الإعلان عن النتائج ووجود آليات رقابة دولية عناصر مهمة لخفض حدة الانتقادات الخارجية، بينما يتابع المجتمع الدولي تطورات الوضع عن قرب. وفي النهاية، يظل تحديد الأهداف وآليات التنفيذ مفتاحاً لقياس مدى نجاح الاستراتيجية.
اقرأ أيضاً
مصر تنضم رسميًا إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية
