فايننشال تايمز: السيسي يرفض ضغوط ترمب لتهجير الفلسطينيين ويدافع عن سيادة مصر
موقف مصري ثابت: لا للتوطين ولا للمساومة

منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحكم، كانت العلاقات بين القاهرة وواشنطن تبدو واعدة، لا سيما بعد أن وصف ترامب الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه “ديكتاتوره المفضل”. وقد استقبل ترامب السيسي مرتين في البيت الأبيض خلال ولايته الأولى، مما يعكس علاقة شخصية متينة بين الزعيمين.
إلا أن عودة ترامب إلى الساحة السياسية جاءت في وقت حساس، حيث تزايدت التحديات الإقليمية، في مقدمتها التصعيد في غزة. وقد دفع هذا التصعيد الإدارة الأميركية إلى طرح اقتراح خطير يقضي بترحيل سكان غزة إلى مصر والأردن، وهو ما قوبل برفض قاطع من قبل القاهرة. ترفض مصر هذا المقترح بشدة، حرصًا على الحفاظ على أمنها القومي وثوابتها التاريخية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والتي لا تقبل المساومة أو التوطين. وبينما تواصل مصر مناورتها الدبلوماسية، تبدو على المحك علاقاتها مع واشنطن في ظل هذه الضغوط المتزايدة.وفقًا لتقرير فايننشال تايمز

موقف مصري ثابت: لا للتوطين ولا للمساومة
تعي مصر أن أي استجابة لضغوط تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة نحو سيناء تمثل تهديدًا جسيمًا لأمنها القومي واستقرارها الداخلي، فضلًا عن أنها قد تؤدي إلى عزلة إقليمية وغضب شعبي واسع. مثل هذا السيناريو من شأنه أن يعيد إلى الأذهان التجربة المريرة التي عاشها الرئيس الراحل أنور السادات بعد توقيعه اتفاقية كامب ديفيد، والتي واجه بسببها معارضة داخلية ورفضًا عربيًا واسعًا.
الرئيس عبد الفتاح السيسي عبّر بوضوح عن رفض مصر المطلق لأي مخطط يهدف إلى تفريغ غزة من سكانها، مؤكدًا أن بلاده “لن تشارك في أي ظلم يُمارس على الشعب الفلسطيني”. وشدد على أن الموقف المصري ينطلق من التزام ثابت بدعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967. كما أكّد أن أمن مصر القومي وسيادتها على أراضيها خطوط حمراء، ولا يمكن القبول بأي ترتيبات إقليمية تمس ديموغرافية سيناء أو تهدد استقرارها.

تحركات مصرية لبناء بديل سياسي وإنساني
بدلًا من الانخراط في مخططات تهجير الفلسطينيين، تبنّت القاهرة مسارًا دبلوماسيًا يعكس التزامها الثابت بالقضية الفلسطينية، عبر طرح بديل عملي يهدف إلى إعادة إعمار قطاع غزة. ويقوم هذا المقترح على تشكيل لجنة فلسطينية من التكنوقراط تتولى إدارة القطاع بشكل مؤقت، تمهيدًا لنقل السلطة إلى القيادة الشرعية ممثلة في السلطة الفلسطينية، بما يضمن الحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني ويحول دون تفريغ غزة من سكانها.
وقد حظي هذا الطرح بدعم واضح من الجامعة العربية، إلى جانب تأييد مشروط من الاتحاد الأوروبي، الذي أبدى استعدادًا للمساهمة في جهود الإعمار. في المقابل، اصطدمت المبادرة المصرية برفض أميركي وإسرائيلي، حيث تشترط كل من واشنطن وتل أبيب نزع سلاح الفصائل الفلسطينية في غزة كأحد الشروط المسبقة لأي تسوية، وهو ما تعتبره القاهرة طرحًا غير واقعي في ظل الظروف الحالية، ويهدد بتقويض فرص الحل السياسي المستدام.

الضغوط الأمريكية لا تثمر تنازلات
رغم تلويح ترامب بتقليص المساعدات العسكرية والمالية، إلا أن مصر أظهرت تماسكًا واضحًا في الدفاع عن مصالحها. فبحسب محللين، فإن أي تراجع مصري في هذا الملف سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار الداخلي وتهديد التماسك الوطني، ما يجعل كلفة القبول أعلى بكثير من تحدي الرفض.
وتؤكد القاهرة أن دعمها لحق الفلسطينيين في أرضهم ليس فقط التزامًا أخلاقيًا، بل هو أيضًا ضرورة استراتيجية لمنع تمدد الفوضى إلى الحدود المصرية، وتكرار سيناريوهات كارثية في سيناء.