حوادث وقضايا

قاده الغرب يطالبون والدبلوماسية..لكنهم لايملكون الشجاعه لوقف الحرب او حتي تسميه أسبابها

قادة الغرب يطالبون بالدبلوماسية لكنهم يفتقرون إلى الشجاعة لوقف الحرب

 

منذ اندلاع الحرب في غزة، تهيمن على المشهد حالة من الغضب الشعبي العارم والقلق المتزايد، في مقابل برود سياسي غربي مدهش. ومع انضمام الولايات المتحدة إلى إسرائيل في ضرب إيران، ودخول الشرق الأوسط في نفق أكثر قتامة، يبدو أن السياسيين في العواصم الغربية إما عاجزون أو غير راغبين أصلًا في طرح السؤال الجوهري: ما السبب الحقيقي وراء كل هذا التصعيد؟

رطانة سياسية تعجز عن تسمية الجاني

في قلب هذا العجز، يقف مركز سياسي ليبرالي يتحدث عن “التعقل والدبلوماسية”، بينما يتجاهل عمدًا ذكر إسرائيل كطرف فاعل في الأزمة. رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يدعو إلى خفض التصعيد، لكنه في الوقت نفسه يصف تدخل أمريكا العسكري بأنه استجابة “مُخففة” للتهديد الإيراني، ويعزز الوجود العسكري البريطاني في الشرق الأوسط.

رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، تتحدث عن أهمية التفاوض، لكنها تصر على أن إيران هي “المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار”. أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي بدا أكثر وعيًا بالمخاطر، فتحول بحلول يوم الأحد إلى مجرد صدى للبيانات العامة المكررة، مطالبًا بـ”ضبط النفس” ومجددًا معارضة بلاده لبرنامج إيران النووي.

الحرب بدأت فعلًا… والعواقب وخيمة

بغض النظر عمّا يقوله دونالد ترامب، فالحرب مع إيران أصبحت أمرًا واقعًا. هذه ليست أزمة عابرة، بل نقطة تحوّل ذات تداعيات كارثية محتملة: تغيير نظام دون خطة لليوم التالي، انتشار جماعات مسلحة في فراغ أمني خطير، تفجر صراعات جديدة في منطقة مثقلة بالحروب، وعودة شبح عسكرة الشرق الأوسط. وفوق كل ذلك، يُقتل الأبرياء بالعشرات والمئات – دون أي مساءلة – في حرب لا تملك حتى الحد الأدنى من الشرعية الدولية.

صمت المركز السياسي… انهيار أخلاقي

الأزمة الحقيقية لا تتجسد فقط في عنف الغارات، بل في الانهيار الأخلاقي لتيار يفترض أنه يرمز إلى القيم الليبرالية والاستقرار. إدارة بايدن، ومعها حكومات أوروبا، اختارت أن تتبنى موقف المتفرج – أو المساند – في وجه تصعيد عسكري يتحدى كل معايير القانون الدولي، من غزة إلى طهران.

وبدلًا من فرض معايير حقوق الإنسان والقانون الدولي، وفرت هذه الحكومات الغطاء السياسي والدبلوماسي لإسرائيل، مكرّسة بذلك نموذجًا جديدًا من الانحياز الأعمى الذي يهدم أي ما تبقى من شرعية أخلاقية كانت تتمتع بها سابقًا.

الدبلوماسية كقناع للهيمنة

الخطابات التي تتحدث عن “الدبلوماسية” تبدو كأنها بقايا من زمن آخر – قبل أن تصبح المجازر متلفزة، وقبل أن تُستباح المبادئ على الهواء مباشرة. ما نراه اليوم هو نظام سياسي غربي غير مؤهل لإدارة الأزمات، بل يكتفي بإدارتها على طريقة “مراقبة المرور”، يحافظ على الوضع الراهن لا لأنه عادل، بل لأنه يرسخ التراتبية القديمة التي تمنح إسرائيل حقًا مطلقًا في التفوق، وتجرّد إيران من سيادتها.

ليست براغماتية… بل اصطفاف قبلي

ما يُقدَّم على أنه “براغماتية” هو في حقيقته تحيّز قبلي أعمى. في عُرف النخب الغربية، إيران ليست دولة ذات سيادة كاملة؛ يُطلب منها أن تلتزم بالصمت عندما تُهاجم، وأن “تتحلى بضبط النفس”. في المقابل، تُمَكَّن إسرائيل من أن تكون “فوق القانون”، لا تُسأل عن جرائمها، بل تُبرر أفعالها دوماً بحقها في الدفاع عن النفس – حتى وهي الطرف المُبادر بالهجوم.

احتقار للعقل العام… ونهاية لشرعية السلطة

هذا التناقض الصارخ لا يفضح فقط ازدواجية المعايير، بل يعري أيضًا مستوى غير مسبوق من الاحتقار للرأي العام العالمي. في أوروبا، انخفضت نسب التأييد الشعبي لإسرائيل إلى أدنى مستوياتها التاريخية، وفي أمريكا، حتى بين مؤيدي ترامب، هناك أغلبية تعارض التورط في حرب مع إيران. ومع ذلك، تستمر النخب الحاكمة في تجاهل هذه التحولات، ماضية في تحالفاتها وانحيازاتها كما لو أن العالم لم يتغير.

خلاصة المشهد

نحن نشهد اليوم تآكلًا متسارعًا لشرعية قوى الغرب التقليدية. قادتها لا يمثلون شعوبهم، ولا حتى يحاولون التظاهر بذلك. سياساتهم أصبحت منفصلة تمامًا عن الواقع الدموي على الأرض. وهم، في استماتتهم للحفاظ على الهيمنة، يجرّوننا جميعًا نحو المجهول.

 

في لحظة كان يُفترض أن تكون اختبارًا حاسمًا للضمير السياسي، فضّلت النخب الحاكمة في الغرب أن تلوذ بالصمت – أو الأسوأ، أن تُبرر الفوضى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى