رئيس السلفادور ينفي تعرّض كيلمار آبريغو غارسيا للتعذيب في السجن المثير للجدل
فريق الدفاع يؤكد تعرضه للضرب والحرمان من النوم والطعام داخل سجن سيكوت

نفى رئيس السلفادور نايب بوكيلي بشكل قاطع الاتهامات الموجهة لسلطات بلاده بشأن تعرض المواطن السلفادوري كيلمار آبريغو غارسيا لسوء المعاملة والتعذيب أثناء احتجازه في سجن “سيكوت” سيئ السمعة، قبل أن يُعاد إلى الولايات المتحدة لمواجهة تهم تتعلق بتهريب البشر.
في منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي، قال بوكيلي إن آبريغو “لم يُعذّب، ولم يُحرم من النوم أو الغذاء”، ونشر صورًا ومقاطع فيديو تظهره داخل الزنزانة، مضيفًا: “لو كان قد تعرّض للتعذيب والحرمان من النوم والطعام، فكيف يبدو بهذه الحالة الجيدة في كل صورة؟”
لكن فريق الدفاع عن غارسيا يروي قصة مغايرة تمامًا.
شهادات تتحدث عن تعذيب وتجويع
محامو آبريغو قدموا شهادة مفصلة عن ظروف احتجازه، قالوا فيها إن موكلهم تعرّض لـ”ضرب مبرح”، و”حرمان من النوم”، وسوء تغذية في سجن سيكوت، المعروف بشدة إجراءاته الأمنية وظروفه القاسية.
وأكد آبريغو أن السجناء هناك يُجبرون على النوم في أسرة معدنية بلا مراتب، داخل زنازين مكتظة لا نوافذ فيها، تُضاء على مدار 24 ساعة، وتفتقر إلى الحد الأدنى من النظافة. كما قال فريق الدفاع إنه فقد نحو 14 كغم من وزنه خلال أول أسبوعين من اعتقاله.
وأضافوا أن السلطات، في وقت لاحق، نقلته مع عدد من السجناء إلى جزء آخر من السجن حيث تم تصويرهم مع مراتب وطعام أفضل، واعتبر المحامون أن الصور “مفبركة” لتحسين صورة السلطات.
تمويل أمريكي مثير للجدل
تأتي هذه القضية في وقت أبرمت فيه حكومة بوكيلي اتفاقًا مع الإدارة الأمريكية لتلقي نحو 6 ملايين دولار مقابل سجن عناصر مشتبه في انتمائهم إلى عصابتي MS-13 و”ترين دي أراگوا” لمدة عام. ووفقًا للسيناتور الأمريكي كريس فان هولن، فإن إدارة ترامب تسعى لتوسيع الاتفاق ليصل إلى 15 مليون دولار.
وقد أثار هذا التمويل انتقادات حقوقية واسعة، لا سيما في ظل الظروف غير الإنسانية في سجون السلفادور، والتي وُصفت بأنها أشبه بـ”معسكرات احتجاز جماعي”.
معركة قضائية وصمت قضائي
في ظل التغطية الإعلامية المكثفة، أصدر القاضي الفيدرالي في ولاية تينيسي ويفرلي كرينشو أمرًا بوقف الإدلاء بأي تصريحات علنية من قبل الطرفين، بعدما اتهم فريق الدفاع الحكومة بمحاولة “تشويه صورة” غارسيا دون أدلة، ووصفه في الإعلام بـ”الوحش”، و”الإرهابي”، و”المجرم”.
وقال محامو غارسيا إن هذه التصريحات تنتهك قواعد المحكمة وتؤثر على حيادية المحاكمة، مضيفين أن “الحكومة اختارت إجراء محاكمة في الصحافة بدلًا من قاعة المحكمة”.
اتهامات جزافية وتناقضات رسمية
الوثائق القانونية الصادرة مؤخرًا أشارت إلى أن مسؤولين في السجن أكدوا صراحة أن غارسيا ليس عضوًا في أي عصابة، وأن وشومه لا علاقة لها بالعصابات، بل قيل له: “وشومك لا مشكلة فيها”. رغم ذلك، حذّره الحراس من إمكانية نقله إلى زنزانة مع أفراد عصابات قد “يمزقونه إربًا”.
وأظهرت الوثائق أيضًا أن كبار المسؤولين في إدارة ترامب، بمن فيهم النائب الحالي للرئيس جاي دي فانس، ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، والنائبة العامة بام بوندي، وجهوا لغارسيا اتهامات علنية منها القتل والانتماء لعصابات، دون أن تكون جزءًا من لائحة الاتهام الرسمية.
قلق من الترحيل مجددًا
وفي تطور قانوني لافت، طلب محامو غارسيا من المحكمة تأجيل إطلاق سراحه من سجن تينيسي، خشية أن يُعاد ترحيله إلى السلفادور، رغم عدم صدور حكم نهائي في قضيته. ووفقًا للمحامين، فإن تصريحات الإدارة الأمريكية حول ترحيله كانت “متضاربة وغير واضحة”، ما يعزز الشكوك بشأن نواياها.
وقالت وزارة العدل إنها تعتزم محاكمته بتهم التهريب، لكنها لم تحدد ما إذا كانت سترحّله بعد انتهاء المحاكمة أو في وقت لاحق.
ما بين القانون والسياسة
قضية كيلمار آبريغو غارسيا تسلط الضوء على هشاشة التوازن بين الأمن القومي وحقوق الإنسان، لا سيما في ظل الإدارة الأمريكية الحالية التي تتبنى نهجًا صارمًا في الهجرة. وفي حين تنفي السلفادور أي انتهاكات، تبقى الأسئلة قائمة: هل يُستخدم غارسيا كورقة سياسية؟ وهل ما زالت presumption of innocence – قرينة البراءة – قائمة فعلًا في وجه ضغوط الإعلام والسياسة