الوكالات

ماكرون في مأزق سياسي جديد مع اقتراب سقوط حكومة بايرو

تتجه الأنظار إلى يوم الإثنين المقبل، حيث يُتوقع على نطاق واسع سقوط حكومة فرنسوا بايرو، ما يضع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام تحدٍّ سياسي جديد يتمثل في تعيين خامس رئيس وزراء منذ إعادة انتخابه في مايو 2022. هذا الوضع غير المسبوق يعكس حجم الأزمة التي تمر بها الجمهورية الخامسة، التي قامت في العام 1958، ويؤكد أن فرنسا تعيش فترة من عدم الاستقرار السياسي لم تشهدها منذ عقود.

حل الجمعية الوطنية: قرار محفوف بالمخاطر

جاءت هذه التطورات بعد قرار ماكرون حل الجمعية الوطنية في يونيو/حزيران 2024، كرد فعل مباشر على الفوز المدوي الذي حققه أقصى اليمين بقيادة حزب “التجمع الوطني” في الانتخابات الأوروبية. هذا القرار فُسّر حينها كمحاولة لإعادة تشكيل المشهد البرلماني، لكنه أدى إلى نتائج عكسية، إذ أنتجت الانتخابات التشريعية المبكرة برلمانًا منقسمًا إلى ثلاث كتل رئيسية:

تحالف اليمين المتطرف (التجمع الوطني)

تحالف اليسار

تحالف اليمين الوسط الموالي لماكرون

لكن أياً من هذه الكتل لم يتمكن من الحصول على أغلبية واضحة، مما جعل تشكيل ائتلاف حكومي مستقر مهمة شبه مستحيلة.

التجمع الوطني يطالب بحل جديد

في ظل هذا الانسداد، طالب مسؤولو حزب “التجمع الوطني” بحل سريع للجمعية الوطنية، في إشارة إلى الدعوة إلى انتخابات جديدة يأمل الحزب من خلالها أن يحقق أغلبية تتيح له تشكيل حكومة منفردة. وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أن “التجمع الوطني” مرشح لاحتلال المرتبة الأولى في الدورة الأولى من أي انتخابات مقبلة، ما يزيد من الضغط على ماكرون ومحيطه.

الاشتراكيون يطرحون بديلاً اقتصادياً واجتماعياً

من جانبهم، يسعى الاشتراكيون إلى لعب دور المعارض البنّاء. فقد تقدم الحزب الاشتراكي، الذي يمتلك 66 نائبًا في البرلمان، بمقترح ميزانية بديلة تسعى لتقليص العجز بمقدار 22 مليار يورو. وتشمل الخطة إجراءات من أبرزها:

فرض ضريبة نسبتها 2% على الثروات التي تتجاوز 100 مليون يورو

تعليق العمل بقانون إصلاح نظام التقاعد الذي أُقر عام 2023، وكان مثار جدل واسع في البلاد

هذه المبادرات تهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية، لكنها تواجه معارضة قوية من التيارات الليبرالية واليمينية.

ماكرون: خيارات محدودة ومخاطر متزايدة

الرئيس ماكرون، الذي يُعرف بميله للمناورة السياسية، يجد نفسه اليوم في موقع أكثر ضعفًا. فالهامش المتاح له لتشكيل حكومة قابلة للاستمرار بات ضيقًا للغاية، فيما تزداد الضغوط من الشارع والأحزاب المختلفة. وفي حال فشل في التوصل إلى اتفاق مع أحد الأطراف، فقد يُضطر إلى تشكيل حكومة تكنوقراط مؤقتة أو الدعوة لانتخابات جديدة، وهو خيار ينطوي على مخاطرة كبيرة خصوصًا في ظل صعود اليمين المتطرف.

أزمة نظام أم أزمة قيادة؟

الجدل الحالي يثير أسئلة أعمق حول مدى فعالية النظام السياسي الفرنسي في التعامل مع الانقسامات الحزبية الحادة، وهل نحن أمام أزمة هيكلية في الجمهورية الخامسة أم فقط أمام أزمة قيادة في مرحلة انتقالية. وبغض النظر عن المآل، فإن المشهد السياسي الفرنسي يقف اليوم على مفترق طرق قد يُعيد رسم توازن القوى في قلب أوروبا.

اقرأ أيضاً:

الكرملين: نهج ترامب في التسوية يختلف عن الأوروبيين

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى