ألمانيا تعيد التسلح:خطه طموحه لبناء اكبر قوه دبابات في أوروبا منذ الحرب الباردة
"ألمانيا تعيد تسليح نفسها: قوة دبابات جديدة في أوروبا"

بعد عقود من ضبط النفس العسكري، تستعد ألمانيا اليوم للعودة إلى واجهة القوة البرية في أوروبا. برلين، التي لطالما اتبعت سياسة دفاعية حذرة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كشفت عن خطط غير مسبوقة لتشكيل قوة مدرعات ضخمة تشمل ألف دبابة من طراز “ليوبارد 2A8” وآلاف المركبات القتالية الأخرى. التحول الدراماتيكي في العقيدة الدفاعية الألمانية جاء كرد مباشر على الغزو الروسي لأوكرانيا، ويعكس طموحًا جديدًا لألمانيا في لعب دور مركزي داخل منظومة الناتو وتوازنات الأمن الأوروبي.
نهاية عصر “ضبط النفس” الألماني
منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، التزمت ألمانيا بخفض ميزانيتها الدفاعية كجزء من سياسة أوروبية عامة لإعادة توزيع الأولويات. لكن حرب أوكرانيا أعادت عقارب الساعة إلى الوراء. فـ”الزلزال الاستراتيجي”، كما وصفه محللون ألمان، أجبر برلين على مراجعة موقفها العسكري. التغيير لم يأت تدريجيًا، بل عبر خطوات حاسمة، كان أبرزها إعلان تشكيل 7 ألوية مدرعة جديدة تضم آلاف الدبابات والعربات المقاتلة، في أكبر عملية إعادة تسليح تشهدها البلاد منذ الحرب الباردة.
صفقة تاريخية بقيمة 29 مليار دولار
بحسب صحيفة “هاندلسبلات” الألمانية ووكالة “بلومبرغ”، تعمل الحكومة الألمانية على تنفيذ صفقة دفاعية ضخمة تتضمن شراء 1,000 دبابة ليوبارد 2A8، و2,500 عربة مدرعة “بوكسر”، بالإضافة إلى مئات مركبات المشاة القتالية من طراز “بوما”، بتكلفة تُقدّر بـ25 مليار يورو (نحو 29 مليار دولار). ستُستخدم هذه المعدات لتجهيز الألوية الجديدة ضمن مبادرة الناتو لتعزيز الجاهزية على الجبهة الشرقية، خاصة في دول البلطيق.
دبابات ليوبارد 2A8: عملاق ميداني بمواصفات متطورة
تمثل دبابة “ليوبارد 2A8” أحدث جيل من الدبابات الألمانية، وهي نسخة مطورة من طراز 2A7+. تتميز بتقنيات حماية متقدمة مثل نظام “تروفي” للحماية النشطة، ودروع مركبة متعددة الطبقات تشمل الفولاذ والتنجستن والخزف. وتضم برجًا ثلاثي الأفراد مجهزًا بمدفع 120 ملم من طراز L55 الأحدث، الذي يوفر مدى أطول واختراقًا أعلى ودقة محسنة مقارنة بالنسخ السابقة. كما تتمتع بمحرك بقوة 1,600 حصان، يمكّنها من بلوغ سرعة 70 كم/ساعة، مما يجعلها واحدة من أكثر الدبابات مرونة وقدرة في ميادين القتال الحديثة.
ألمانيا تغيّر معادلة الإنفاق العسكري الأوروبي
التزام برلين بزيادة الإنفاق العسكري إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، كما أُعلن في قمة لاهاي الأخيرة، يمثل تحوّلًا جذريًا في العقيدة الألمانية. بعد أن ظلت لسنوات أقل من سقف 2% الذي حدده الناتو، وصلت ألمانيا في 2024 إلى 1.4%، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 1958. الإنفاق الدفاعي بلغ 88.5 مليار دولار، لتصبح رابع أكبر دولة إنفاقًا عسكريًا في العالم، متجاوزة العديد من القوى التقليدية.
الليوبارد تغزو أوروبا: حلفاء برلين ينضمون إلى السباق
ليست ألمانيا وحدها من يتجه إلى اقتناء النسخة الجديدة من دبابة ليوبارد. فدول مثل هولندا، ليتوانيا، السويد، النرويج، وكرواتيا تسعى إلى شراء هذه الدبابة أو تعهّدت بذلك. ليتوانيا على وجه الخصوص ستشكّل كتيبة مدرعة جديدة مكوّنة من 44 دبابة 2A8، في خطوة تعكس تصاعد القلق من التهديد الروسي في البلطيق. ألمانيا، عبر هذه الصادرات، تعزز مكانتها الصناعية والدبلوماسية داخل الناتو، وتستعيد دورها كمحرّك عسكري واقتصادي لأمن القارة.
ألمانيا الجديدة: من القوة الاقتصادية إلى العمود الفقري الدفاعي لأوروبا
الخطة الألمانية لبناء أكبر قوة مدرعة في أوروبا لا تعكس فقط استجابة آنية لحرب أوكرانيا، بل تعيد تعريف دور برلين في البنية الأمنية الأوروبية. فبعد سنوات من الاكتفاء بالدور الاقتصادي والدبلوماسي، يبدو أن ألمانيا تستعد للعب دور القيادة العسكرية في مواجهة روسيا، واستعادة مكانتها التاريخية كقوة برية كبرى. إنها ليست فقط “عودة الدبابة الألمانية”، بل عودة “الردع الألماني” كلاعب حاسم في مستقبل أوروبا الأمني.