علوم وتكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي يغزو حياتنا: فوائد محتملة ومخاطر متوقعة في المستقبل

بين الترقب والقلق: كيف سيغير الذكاء الاصطناعي حياتنا؟

في أول يوم اثنين من هذا الشهر، تم ذكر الذكاء الاصطناعي في أكثر من 2,100 عنوان صحفي حول العالم. كانت التقارير تتحدث عن تأثيرات الذكاء الاصطناعي في مجالات متنوعة مثل عمليات الاحتيال في ماليزيا، وتعلم اللغة في أوغندا، وإعادة تشكيل قطاع التكنولوجيا في الهند، وكذلك صناعة مليارديرات في الولايات المتحدة والصين. في المقابل، كان الوضع مختلفًا في نفس اليوم من العام الماضي، حيث كانت التغطية الإعلامية لا تتجاوز 764 عنوانًا، وفي عام 2022 كان العدد 140 فقط، بينما كان في 2020، في ذروة جائحة كورونا، لا يتجاوز 110 عناوين. في عام 2015، تم ذكر الذكاء الاصطناعي في تسعة عناوين فقط، اثنان منها كانا يشيران إلى الفنان الصيني “آي وي وي”.

الطفرة المستمرة في الذكاء الاصطناعي:

إن الازدهار الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي الذي شهدناه بعد إطلاق ChatGPT في 2022 لا يبدو أنه يشير إلى تراجع في المستقبل القريب. ولكن، هناك العديد من الأوقات التي أتمنى فيها أن يكون هناك يوم واحد — أو حتى نصف يوم — لا أقرأ فيه أو أسمع عن أي شيء يتعلق بالذكاء الاصطناعي. ليس من حيث الأضرار التي يتم الحديث عنها مثل قتل الوظائف، أو جعلنا أغبياء، أو زيادة التزوير، أو سرقة الأعمال الإبداعية، أو رفع انبعاثات الكربون في ظل تثري شركات التكنولوجيا العملاقة.

القلق من الفجوة بين الواقع والهالة الإعلامية:

ما يزعجني هو أن الأخبار المتزايدة عن الذكاء الاصطناعي لا تصاحبها مستويات متوازية من الفهم حول كيفية استخدامه وما سيفعله في النهاية. على الرغم من أنني لا أمتلك دراية متعمقة كالمتخصصين، إلا أنني أؤمن بالتأكيد بالتطبيقات الإيجابية التي قد تحدثها هذه التقنيات. على سبيل المثال، أرى كيف يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي في خدمات معينة أن توفر آلاف الساعات من العمل أو كيف تساعد في اكتشاف الشذوذ في الأشعة السينية للصدر. كما أنني لا أشك في أن النماذج التي يعمل عليها الباحثون الحائزون على جائزة نوبل قد تساعد في التغلب على مجموعة من الأمراض مثل مرض باركنسون، أو البكتيريا المقاومة للأدوية، أو حتى التلوث بالبلاستيك.

المشاكل في الواقع المعيش:

لكن، في الوقت ذاته، يبدو أن كل هذا ما زال بعيدًا جدًا عما نقرأه عن الذكاء الاصطناعي، بل وأبعد بكثير مما نعيشه يوميًا مع هذه التقنية. فحينما حاولت البحث عن عدد من العناوين الصحفية حول الذكاء الاصطناعي باستخدام قاعدة بيانات “فاكتيفا” الشهيرة، التي تتطلب اشتراكًا مدفوعًا، استغرقت العملية بعض الوقت لكنها أثبتت نتائج دقيقة وموثوقة. أما في المقابل، وباستخدام ChatGPT، استغرقت ثوانٍ معدودة ليعطيني معلومة مغلوطة بأن يوم 4 أغسطس 2025 شهد ظهور عنوان واحد فقط في الصحف الكبرى يتضمن مصطلح “الذكاء الاصطناعي”. هذه اللحظات تجعلني أقلق بشأن تزايد الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض الطبية أو إعداد العقود القانونية، أو حتى “التحقق من الحقائق” عبر الإنترنت.

التحديات المتعلقة بالتبني الواسع للذكاء الاصطناعي:

أظهرت دراسة أُجريت الشهر الماضي أن المبرمجين الذين يمتلكون خبرة طويلة في البرمجة، الذين يبدو أن وظائفهم مهددة من الذكاء الاصطناعي، استغرقوا 19٪ وقتًا أطول لإنجاز مجموعة من المهام باستخدام أدوات البرمجة المدعومة بالذكاء الاصطناعي مقارنة بدونها. وعلى الرغم من زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل اليومي في الولايات المتحدة — حيث تضاعف عدد الأمريكيين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي يوميًا مقارنة بالعام الماضي — لا يزال استخدام الذكاء الاصطناعي محدودًا، حيث لا يتجاوز 8% من الناس في بيئة العمل.

الاختلافات في وجهات النظر:

في استطلاع أجرته مؤسسة “جالوب”، أظهرت النتائج أن 49٪ من الأمريكيين يرون أن الذكاء الاصطناعي مجرد تقدم تقني آخر سيحسن حياتهم، بينما يرى 49٪ آخرون أنه يختلف تمامًا ويشكل تهديدًا للبشرية والمجتمع. ويخطط 64٪ من الناس لمقاومة استخدام الذكاء الاصطناعي في حياتهم الخاصة طالما أمكنهم ذلك. هذا يشير إلى مدى التباين في الآراء حول الذكاء الاصطناعي، ومع أن هذه الأرقام كبيرة، إلا أنها ما تزال في مراحلها الأولى. في عام 2000، كان أكثر من 20% من الأمريكيين يرفضون استخدام الهاتف المحمول، والكل يعلم كيف تغير الوضع بعدها.

في النهاية، رغم الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات، يظل هناك شعور متزايد بالقلق والارتباك حول هذه التقنية. كما هو الحال مع التكنولوجيات الحديثة التي دخلت حياتنا في الماضي، يبدو أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في التأثير على العالم بشكل تدريجي، ولكن سيكون من الحكمة أن ننتظر ونرى كيف سيؤثر هذا التأثير على حياتنا اليومية.

اقرا ايضا

الرقابة على الإنترنت وتداعيات قانون الأمان على الإنترنت في المملكة المتحدة 

نيرة احمد

نيرة أحمد صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى