تهديدات الطائرات المسيّرة… خطر عالمي يتجاوز ساحات الحرب

شهدت العاصمة الأوكرانية كييف في نهاية الأسبوع الماضي هجومًا روسيًا واسعًا شمل ما يقارب 600 طائرة مسيّرة وعشرات الصواريخ، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص. الحادثة التي وصفتها إيفيلين بوشاتسكي، الشريكة في صندوق استثمار دفاعي، بأنها “واقع يومي” في أوكرانيا، أثارت تساؤلات في الغرب: ماذا لو تعرضت مدن أوروبية كبرى لهجمات مماثلة؟
القلق داخل الناتو
تزايدت المخاوف بعد خروقات لمجال بولندا والدنمارك الجوي من قِبل طائرات مسيّرة يُعتقد أنها روسية. هذا دفع عدة دول في الناتو لإعادة نشر أنظمة دفاع جوي في أوروبا الوسطى، في محاولة لمواجهة التهديد. لكن خبرة أوكرانيا كشفت أن روسيا طورت أساليب لتجاوز حتى أقوى الأنظمة المضادة للصواريخ.
فكرة “الجدار المسيّر” الأوروبي
ناقش القادة الأوروبيون في كوبنهاغن إنشاء جدار دفاعي ضد الطائرات المسيّرة، يعتمد على أنظمة متعددة الطبقات قادرة على الكشف والتتبع والتشويش والتدمير. رئيسة وزراء الدنمارك، ميت فريدريكسن، أوضحت أن الحرب الهجينة الروسية تسعى إلى تهديد وتقسيم وزعزعة استقرار أوروبا عبر الطائرات المسيّرة، الهجمات السيبرانية وأعمال التخريب.
التجربة الأوكرانية
في أوكرانيا، يشارك نحو 100 ألف شخص في منظومة الدفاع الجوي: من مشغلي الرادارات إلى الخبراء الإلكترونيين ومشغلي المسيّرات. ومع ذلك، لا تزال روسيا قادرة على إنهاك الدفاعات عبر الكثافة العددية. كما أن الطرفين (روسيا وأوكرانيا) استخدما المسيّرات بطرق مبتكرة، مثل إطلاقها من شاحنات قرب المطارات أو من سفن في البحر.
سباق الاستثمار العسكري
شهد قطاع الدفاع طفرة استثمارية ضخمة:
استثمرت صناديق رأس المال المخاطر في دول الناتو 9.1 مليار دولار منذ بداية 2025، مقارنة بـ 6.5 مليار دولار في 2024.
شركات كبرى مثل راينميتال، تاليس، وBAE Systems تطور أنظمة مضادة للطائرات المسيّرة.
شركات ناشئة مثل Auterion الأمريكية حصلت على عقود مع البنتاغون لتطوير أنظمة توجيه بالذكاء الاصطناعي.
لكن هذا التدفق السريع للأموال أثار تحذيرات من فقاعة استثمارية محتملة.
الابتكار الأوكراني
تُعد أوكرانيا مركز اختبار رئيسي للتقنيات الجديدة. بعض الشركات الناشئة الأوكرانية طورت حلولًا مبتكرة لكن ينقصها رأس المال للتوسع. خبراء يؤكدون أن على حكومات الناتو دعم هذه الشركات بدل التركيز فقط على شركاتها المحلية.
المخاطر المستقبلية
حتى بعد انتهاء الحرب، يتوقع خبراء مثل سيرهي سكورك من شركة “كفرتوس” الأوكرانية أن تظل الحاجة إلى تقنيات مضادة للمسيّرات ملحّة. فروسيا وحدها تمتلك نحو 40 ألف مشغّل مسيّرات، وقد يتحول بعضهم لاحقًا إلى مرتزقة في يد عصابات أو جماعات إرهابية تستخدم هذه التقنيات في تهريب المخدرات أو الاغتيالات أو الهجمات واسعة النطاق.
الدرس المستفاد
الحرب في أوكرانيا أوضحت أن الطائرات المسيّرة غيّرت قواعد الحرب والسلام على حد سواء. لم تعد التحديات مرتبطة بالاستثمار الطارئ في الدفاعات الجوية، بل باتت تتطلب يقظة دائمة واستراتيجيات طويلة المدى لمواجهة تهديدات لن تقتصر على الجيوش بل ستمس المدنيين حول العالم.