الارتباك حول قمة ألاسكا يكشف عن استمرار نفوذ بوتين في المفاوضات
الارتباك حول قمة ألاسكا: نفوذ بوتين يثير القلق

أثارت القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا قلق كييف والحلفاء الأوروبيين، مسلطةً الضوء على اختلال توازن القوى في المفاوضات الأمريكية الروسية حول مصير أوكرانيا. يسعى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جاهداً للتعافي من اجتماعه الكارثي مع ترامب في فبراير الماضي، والذي أطاح فيه الرئيس الأمريكي بزيلينسكي من المكتب البيضاوي. ورغم الجهود المبذولة لإعادة ضبط الاتصالات ومواءمة الاستراتيجيات مع ترامب، يجد زيلينسكي نفسه مُهمّشاً مجدداً، حيث تتصدر مطالب بوتين المشهد.
في حين بدا أن خطاب ترامب الأخير قد تغير، بما في ذلك دعواته لروسيا بوقف قصف المدن الأوكرانية، فإن تصرفات الكرملين تشير إلى أن بوتين لا يزال هو من يمسك بزمام الأمور. أظهرت زيارة مبعوث ترامب ستيف ويتكوف إلى موسكو الأسبوع الماضي أن بوتين لم يقدم أي تنازلات كبيرة، ومع ذلك فقد كوفئ بدعوة للقاء ترامب. يعكس هذا سعي بوتين الدائم لعقد صفقات بين القوى العظمى، مما قد يُهمّش أوكرانيا في اتفاق سلام لإنهاء الحرب.
غموض بشأن صيغة القمة ومقترح السلام
لا يزال شكل القمة غير واضح، مع وجود نقاش مُربك بين البيت الأبيض والكرملين حول إمكانية عقد اجتماع ثلاثي مع زيلينسكي. وبينما يأمل بعض المسؤولين الأمريكيين والقادة الأوروبيين في انضمام زيلينسكي إلى المحادثات، يبدو ذلك مستبعدًا الآن، ويركز ترامب على عقد اجتماع ثنائي مع بوتين. هذا الغموض بشأن نتائج القمة يُبرز قلق أوكرانيا المتزايد من إمكانية التوصل إلى اتفاق دون مشاركتها.
ومما يزيد من هذا القلق اقتراح السلام الذي يبدو أن بوتين يُطالب به، والذي يُقال إنه يدعو أوكرانيا إلى الانسحاب من جانب واحد من أجزاء من دونيتسك ولوغانسك التي لا تزال تسيطر عليها، بما في ذلك مدينة كراماتورسك الاستراتيجية، مقابل تجميد روسيا للحدود في أماكن أخرى. رفض زيلينسكي بشدة أي اتفاق يتنازل عن أراضٍ أوكرانية، مؤكدًا أن مثل هذا الاتفاق سينتهك دستور أوكرانيا وسيولد ميتًا.
صفقة خاسرة لأوكرانيا وأوروبا
في حين أن موقف زيلينسكي الرافض للتنازل عن الأراضي مفهوم، إلا أن هناك شعورًا متزايدًا في أوكرانيا بضرورة إبرام اتفاق مؤقت يعترف بالسيطرة الروسية لوقف القتال. إلا أن القلق الرئيسي يكمن في أن روسيا قد تستخدم أي وقف لإطلاق النار كوقفة تكتيكية لإعادة تنظيم صفوفها واستئناف هجومها، كما حدث سابقًا. وقد تحولت المحادثات حول قوة حفظ سلام أوروبية لمراقبة وقف إطلاق النار إلى “قوة طمأنة” بعيدة عن خطوط المواجهة، مما لا يوفر سوى القليل من الأمن لأوكرانيا.
يبدو أن الاتفاق الذي يقترحه بوتين – والذي يتطلب انسحابًا أوكرانيًا وتجميدًا للخطوط – أسوأ من مجرد تجميد الصراع، والذي يعتبره العديد من الخبراء “صفقة خاسرة”. ويضع هذا الوضع أوكرانيا في موقف صعب، حيث تسعى قيادتها جاهدة لمنع مثل هذه النتيجة.
أوروبا وزيلينسكي يدفعان نحو خطة بديلة
ردًا على الاتفاق المحتمل بين ترامب وبوتين، يعمل زيلينسكي وفريقه جاهدين لحشد الدعم الأوروبي لخطة سلام بديلة تُشرك أوكرانيا في عملية صنع القرار. ومع ذلك، وبالنظر إلى تاريخ تعاملات ترامب مع بوتين، ثمة شكوك في أن يمارس الرئيس الأمريكي ضغطًا حقيقيًا على روسيا. إذا توصل ترامب وبوتين إلى اتفاق دون مشاركة أوكرانيا، فقد تواجه أوروبا أمرًا واقعًا، وستزداد أوكرانيا تهميشًا.
مع اقتراب موعد القمة، يتزايد خطر أن يكون السلام الذي تسعى إليه أوكرانيا وحلفاؤها خاضعًا لإملاءات بوتين وترامب دون مشاركة كييف، وهو سيناريو يسعى القادة الأوكرانيون جاهدين لتجنبه بأي ثمن.