عربي وعالمي

ترامب يُفكك “صوت أمريكا” وينهي دورها كأداة إعلامية استراتيجية تاريخية

إدارة ترامب تُنفذ أكبر حملة تسريح في تاريخ الإعلام الأمريكي الحكومي

في خطوة غير مسبوقة، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فصل 639 موظفًا من إذاعة “صوت أمريكا” ووكالتها الأم “الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي”، مما يمثل المرحلة الأخيرة من عملية تفكيك شبه كاملة لإحدى أقدم أدوات القوة الناعمة الأمريكية. تأتي هذه القرارات ضمن حملة أوسع يقودها ترامب ضد ما يسميه بـ”البيروقراطية الفيدرالية المتضخمة”، شملت أيضًا وكالات أخرى مثل الضرائب والتعليم والصحة.

 تسريحات واسعة تُنهي إرثًا إعلاميًا دام 80 عامًا

بدأت حملة التسريحات منذ مارس 2025، وأدّت حتى الآن إلى إنهاء عقود 1,400 موظف، ولم يتبق سوى 250 موظفًا فقط في الوكالة. وبذلك، أصبحت “الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي” شبه معطّلة، بعد أن كانت تشرف على مؤسسات إعلامية تمتد حول العالم.

كاري ليك: وكالة فاشلة انتهت صلاحيتها

أعلنت كاري ليك، المستشارة الرفيعة لترامب والمشرفة الجديدة على الوكالة، أن “الوكالة مليئة بالتحيز والهدر”، مؤكدة أن دافعي الضرائب “تحملوا عبئها لعقود”. تصريحاتها تعكس توجه الإدارة لتصفية المؤسسات الإعلامية غير المنسجمة مع رؤيتها السياسية.

من “صوت أمريكا” إلى “منصة يسارية” في نظر البيت الأبيض

رغم أن الإذاعة كانت تصل إلى أكثر من 360 مليون مستمع أسبوعيًا بلغات متعددة، إلا أن البيت الأبيض وصفها مؤخرًا بأنها “منصة دعائية يسارية”، بسبب تغطيات لم تعجب الإدارة، مثل رفضها استخدام مصطلحات محددة تتعلق بالصراعات في الشرق الأوسط.

 خسارة كبرى في أدوات النفوذ الدولي

“صوت أمريكا” كانت أداة فعالة خلال الحرب الباردة، إذ لعبت دورًا في نشر القيم الديمقراطية في الدول التي تعاني من أنظمة قمعية. تفكيكها الآن يعني خسارة قناة تواصل رئيسية بين أمريكا والعالم، ويشكّل ضربة مباشرة للقوة الناعمة الأمريكية.

 توقيت مثير للجدل: تسريحات تزامنت مع تغطية حرب كبرى

جاءت قرارات الفصل بعد أيام من استدعاء الصحفيين الناطقين بالفارسية لتغطية التصعيد بين إيران وإسرائيل، مما يثير تساؤلات حول توقيت القرار وأهدافه، خاصة وأن الإذاعة لعبت دورًا محوريًا في تغطية الأحداث الحساسة في الشرق الأوسط.

القضاء يسمح مؤقتًا بقرارات الفصل رغم الطعون

على الرغم من الطعون القانونية، سمحت المحاكم الفيدرالية مؤقتًا بالمضي قدمًا في تنفيذ التسريحات. ووصف عدد من الصحفيات في الإذاعة القرار بأنه “نهاية لعقود من الصحافة المستقلة التي كانت تجسّد القيم الأمريكية”.

البديل المقترح: إعلام موالٍ لترامب

تشير تقارير إلى أن كاري ليك اقترحت استبدال محتوى “صوت أمريكا” ببرامج من قناة “وان أمريكا نيوز” الموالية لترامب. هذا التوجه يُثير مخاوف من تحوّل المنصة إلى بوق سياسي يخسر مصداقيته أمام جمهور عالمي معتاد على تغطية مهنية ومحايدة.

مكتب كوبا… الناجي الوحيد

لم تشمل قرارات الفصل مكتب البث إلى كوبا في ولاية فلوريدا، حيث بقي جميع موظفيه الـ33 في مناصبهم. ويعتقد أن الحفاظ عليه يرتبط باعتبارات انتخابية تخص ترامب، نظرًا لأهمية ولاية فلوريدا في السباق الرئاسي.

خلاصه: بين تراجع الدور وإعادة تعريفه

ما يحدث مع “صوت أمريكا” ليس مجرد ترشيد نفقات أو تقليص بيروقراطية، بل تحوّل عميق في فلسفة الإعلام الدولي الأمريكي. وبينما ترى الإدارة الحالية أن هذا الدور الإعلامي قد عفا عليه الزمن، يخشى مراقبون أن يكون الثمن فقدان أداة استراتيجية فيلحظة تتزايد فيها الصراعات وتتراجع الثقة بالديمقراطية عالميًا.

 

علياء حسن

علياء حسن صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى