زيارة مرتقبة: رئيس إسرائيل إلى لندن وسط تحركات بريطانية للاعتراف بدولة فلسطين

يستعد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ لزيارة العاصمة البريطانية لندن، الخميس المقبل، في أول زيارة لمسؤول إسرائيلي رفيع منذ شهور، وذلك قبل أسابيع قليلة من الموعد المتوقع لإعلان بريطانيا اعترافها الرسمي بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
بحسب مصادر دبلوماسية بريطانية وإسرائيلية، من المرجح أن يجتمع هرتسوغ مع وزراء في الحكومة ومسؤولين كبار، فيما لم تؤكد رئاسة الوزراء البريطانية ما إذا كان سيلتقي رئيس الوزراء كير ستارمر، وسط انقسام داخلي في حزب العمال حول كيفية التعامل مع إسرائيل في ظل حرب غزة المستمرة.
زيارة مثيرة للجدل داخل بريطانيا
اللقاء المحتمل بين ستارمر وهرتسوغ يواجه حساسية سياسية كبيرة، خصوصًا بعد الانتقادات الواسعة داخل حزب العمال للحكومة الإسرائيلية بسبب الحرب التي خلفت، وفق وزارة الصحة في غزة، أكثر من 65 ألف قتيل منذ أكتوبر 2023.
وقد زادت حدة الجدل بعد أن فرضت لندن عقوبات على وزراء إسرائيليين متشددين، في وقت أعلن فيه ستارمر إلى جانب فرنسا خططًا للاعتراف بالدولة الفلسطينية هذا الشهر.
تباين الأدوار: هرتسوغ مقابل نتنياهو
بعكس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يواجه مذكرة توقيف دولية صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بجرائم حرب، يتمتع هرتسوغ بدور بروتوكولي أكثر رمزية، وينتمي لحزب مختلف. ورغم خلافاته السابقة مع نتنياهو حول التعديلات القضائية، فقد دعم علنًا الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة.
لكن هرتسوغ أثار جدلًا واسعًا بتصريحاته في أكتوبر 2023 حين قال إن “جميع الفلسطينيين في غزة مسؤولون بشكل مباشر أو غير مباشر عن هجوم حماس”، وهو التصريح الذي استشهدت به محكمة العدل الدولية في قرارها الصادر يناير 2024، معتبرة أن هناك “شبهة معقولة” بارتكاب أفعال قد تندرج تحت اتفاقية منع الإبادة الجماعية.
بريطانيا وإعادة رسم الموقف من الصراع
ستارمر، الذي التقى هرتسوغ آخر مرة في باريس قبل أكثر من عام، كان قد أكد آنذاك على “الصداقة التاريخية بين بريطانيا وإسرائيل” ودعم “حقها في الدفاع عن نفسها”. لكن منذ توليه رئاسة الحكومة، أصبح أكثر انتقادًا للعمليات العسكرية الإسرائيلية، مطالبًا بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة والالتزام بالقانون الدولي.
إلى جانب ذلك، يزداد الضغط السياسي على الحكومة البريطانية من المعارضة ومن منظمات المجتمع المدني التي ترى أن لندن لم تفعل ما يكفي لوقف المعاناة في غزة، بينما يتزايد الحديث عن الاعتراف بدولة فلسطين كخطوة رمزية ودبلوماسية تهدف للضغط على إسرائيل.
سياق إقليمي ودولي معقد
الزيارة تأتي في وقت بالغ الحساسية:
الولايات المتحدة تواجه ضغوطًا متزايدة بسبب دعمها غير المشروط لإسرائيل، وهو ما دفع زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي إد ديفي إلى الإعلان عن مقاطعة العشاء الرسمي الذي سيقيمه الملك تشارلز على شرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قريبًا.
أوروبا تتحرك نحو موقف أكثر تشددًا ضد الحكومة الإسرائيلية، مع تصاعد المطالبات بفرض قيود أوسع على التعاون العسكري والدبلوماسي.
خلاصة
زيارة هرتسوغ إلى لندن تعكس رغبة إسرائيل في الحفاظ على قنوات الحوار مع بريطانيا، في وقت تتجه فيه الأخيرة لاتخاذ واحدة من أكثر خطواتها جرأة على الصعيد الدبلوماسي عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية. لكن الزيارة قد تتحول إلى ساحة اختبار حقيقية لعلاقات لندن – تل أبيب، بين “الصداقة التاريخية” والضغوط المتصاعدة لوقف الحرب في غزة