عربي وعالمي

الجارديان البريطانية: إلى أين يقود الجدل السام حول الهجرة في بريطانيا؟

تتصاعد في بريطانيا وأوروبا أصوات سياسية وإعلامية تدفع باتجاه ما يُسمى بـ”إعادة الترحيل” أو remigration، وهو مفهوم لم يعد حبيس الخطابات الهامشية لليمين المتطرف، بل بدأ يتسلل تدريجيًا إلى صلب النقاش السياسي. السؤال المحوري: هل يمكن أن ينتهي هذا الجدل بسياسات ترحيل جماعية تطال جيراننا وأصدقاءنا من الأقليات؟

من شعارات الهجرة إلى خطاب التطهير

على مدى عقدين، انتقل الخطاب من “المخاوف المشروعة بشأن الهجرة” إلى طرح صريح حول “التجانس العرقي”. من فضيحة Windrush إلى سياسات “بيئة معادية”، ومن البريكست إلى نظرية “الاستبدال العظيم”، كانت كل هذه المحطات تمهيدًا لمسار يربط بين الهوية البريطانية وبين لون البشرة والانتماء العرقي.

نوافذ تُفتح على التطرف

شخصيات مثل نايجل فاراج تستعمل تكتيك الغموض البنّاء: لا تنفي الترحيل الجماعي كليًا، ولا تطرحه بشكل مباشر بعد، بل تترك الباب مفتوحًا للتحول التدريجي في الرأي العام. في الوقت نفسه، يدفع سياسيون يمينيون آخرون بخطط صريحة تشمل ترحيل مئات الآلاف وربما ملايين الأشخاص، وسط تصاعد الخطاب العنصري على وسائل التواصل الاجتماعي.

بين الهامش والتيار العام

رغم أن هذه الرؤى لا تزال مدعومة من أقلية صغيرة، إلا أن قدرتها على التأثير في الأجندة السياسية كبيرة. النموذج الأمريكي في عهد ترامب أثبت أن أقلية منظمة قادرة على فرض سياسات قاسية على نطاق واسع، تحت غطاء “التفويض الشعبي”.

السيناريوهات المقلقة

التحذيرات لا تتعلق فقط باللاجئين أو المهاجرين الجدد، بل باحتمال استهداف مواطنين وُلدوا ونشأوا في بريطانيا، ما قد يقود إلى دولة بوليسية تُشرعن الاعتقالات والترحيلات، وتعيد تعريف المواطنة على أساس “البياض” أو “الأصالة العرقية”.

أبعاد أوروبية وعابرة للحدود

الظاهرة ليست بريطانية فقط؛ في ألمانيا صعد حزب البديل من أجل ألمانيا بطرح “الترحيل الجماعي”، وفي إسبانيا دعت حركة “فوكس” إلى ترحيل 8 ملايين “أجنبي”. المفارقة أن مشروع الانغلاق القومي بات مشروعًا عابرًا للحدود.

الأسئلة الصعبة يجب أن تُطرح الآن: هل يقود هذا الجدل إلى واقع ترحيلات جماعية؟ أم يمكن وقفه قبل أن يتجذر؟ ما بدا يومًا “خيالًا ديستوبيًا” أصبح اليوم مطروحًا في برامج انتخابية، ما يجعل من الضروري مواجهة اليمين المتطرف ومساءلته بوضوح: ما هو الهدف النهائي من كل هذا؟

اقرا ايضا

لمنع الحرب، بريطانيا يجب أن تستعد لها: استراتيجية الدفاع في عصر متغير 

نيرة احمد

نيرة أحمد صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى