صفارات الإنذار تدوي في إيلات مع تصاعد التوتر الأمني

تشهد مدينة إيلات الواقعة جنوب إسرائيل حالة من الاستنفار الأمني بعد سماع دوي صفارات الإنذار إثر رصد مسيّرة مشبوهة في أجواء المنطقة. الحادثة تأتي في ظل استمرار التصعيد العسكري وتداعيات الحرب المستمرة على غزة منذ عامين، والتي انعكست بوضوح على المجتمع الإسرائيلي وجنوده. فبينما تلاحق مروحيات عسكرية الطائرة المسيّرة لاعتراضها، تتكشف أرقام صادمة حول حجم الخسائر البشرية والنفسية في صفوف الجيش الإسرائيلي. بيانات رسمية أظهرت أن عشرات الآلاف من الجنود أصيبوا سواء بإعاقات جسدية أو اضطرابات نفسية، ما يضع المؤسسات العسكرية أمام تحديات متزايدة في إعادة التأهيل، وسط ارتفاع لافت في حجم الميزانيات المخصصة لهذا الملف.
ملاحقة مسيّرة فوق أجواء إيلات
أعلنت الجبهة الداخلية الإسرائيلية أن صفارات الإنذار أُطلقت في مدينة إيلات بعد رصد مسيّرة اخترقت الأجواء الشمالية للمدينة. وذكرت وسائل إعلام محلية أن طائرة مروحية عسكرية لاحقت المسيّرة في محاولة لإسقاطها ومنعها من استكمال مسارها. هذا التطور يعكس هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية رغم التحصينات المكثفة، ويثير القلق لدى السكان من احتمالية تكرار مثل هذه الخروقات الجوية، خاصة في ظل انشغال الجيش الإسرائيلي بجبهات متعددة وضغوط عسكرية متزايدة منذ اندلاع الحرب على غزة.
إصابات متزايدة بين الجنود الإسرائيليين
كشف جيش الاحتلال الإسرائيلي أن قسم إعادة التأهيل استقبل منذ بداية الحرب على غزة أكثر من 20 ألف جندي مصاب. المثير للانتباه أن ما يزيد على نصف هؤلاء الجنود يعانون من اضطرابات نفسية ناجمة عن أهوال المعارك وفقدان الزملاء، حيث وصل عددهم إلى 10,700 جندي، أي بنسبة 56%. هذه الأرقام تعكس الأعباء الضخمة التي يواجهها الجيش ليس فقط على الصعيد العسكري، بل أيضًا في الحفاظ على سلامة أفراده النفسية، ما يهدد كفاءة المؤسسة العسكرية على المدى الطويل.
أرقام قياسية في أعداد المصابين
بيّنت الإحصاءات أن إجمالي المصابين من مختلف الأجهزة الأمنية وصل إلى نحو 81,700 جندي ومجندة. من بين هؤلاء، يعاني 31 ألفًا من اضطرابات نفسية، وهو ما يمثل 38% من إجمالي المصابين. هذه النسب المرتفعة تمثل إنذارًا داخليًا للجيش، وتكشف أن التداعيات النفسية للحرب باتت توازي خطورة الإصابات الجسدية. وبحسب المركز الفلسطيني للإعلام، فإن هذا العدد يُعد الأعلى في تاريخ الجيش الإسرائيلي، ويؤشر على أزمة إنسانية وأمنية تتفاقم بمرور الوقت.
ارتفاع ميزانية إعادة التأهيل
مع تزايد حجم الإصابات وتعقد أوضاع الجنود، ارتفعت ميزانية قسم إعادة التأهيل إلى نحو 8.3 مليار شيكل، منها 4.1 مليار مخصصة فقط للمصابين باضطرابات نفسية. هذه الزيادة الكبيرة في الإنفاق تكشف حجم الضغوط الواقعة على المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، التي تجد نفسها مضطرة لتخصيص موارد هائلة لعلاج الجنود، بدلًا من الاستثمار في تطوير قدراتها القتالية. كما توضح الأرقام أن الأبعاد النفسية للحرب لم تعد مسألة ثانوية، بل تحولت إلى عبء استراتيجي يتطلب تدخلات متواصلة.
ملامح الأزمة الديموغرافية بين الجنود
أظهرت البيانات أن نصف الجنود المصابين دون سن الثلاثين، ما يعني أن الفئة الشابة هي الأكثر تضررًا من الحرب. كما أن 92% من المصابين رجال، و64% منهم من قوات الاحتياط. ووفقًا للأرقام، فإن 45% من هؤلاء الجنود لديهم إصابات جسدية، و35% يعانون من اضطرابات نفسية، بينما 20% يجمعون بين الإصابات الجسدية والنفسية. هذه المعطيات توضح أن الحرب لم تؤثر فقط على الجنود النظاميين، بل امتدت لتضرب النواة الشبابية للمجتمع الإسرائيلي، ما يضع مستقبل المؤسسة العسكرية أمام تحديات مصيرية.
انعكاسات داخلية وتحديات مستقبلية
تدل الأرقام المتصاعدة وحوادث الخرق الأمني مثل واقعة إيلات على أن إسرائيل تواجه جبهات متعددة من التهديدات، بعضها خارجي متمثل في الهجمات المسيّرة، وبعضها داخلي يظهر في الانهيارات النفسية لجنودها. الأزمة باتت مركبة تجمع بين المخاطر العسكرية المباشرة والأعباء الاجتماعية والنفسية، ما يضع تل أبيب أمام معركة طويلة الأمد للحفاظ على استقرارها الداخلي واستمرارية قدراتها العسكرية.