الاقتصاد

فايننشال تايمز:فقاعة الذهب يجب أن تدفع البنوك المركزية إلى البيع العالم أسير لتاريخه حين يظن أن الذهب ما زال “مخزنًا آمنًا للقيمة”

يقول الاقتصادي ويليم بوتر — العضو السابق في لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا وكبير الاقتصاديين العالميين السابق في سيتي جروب — إن العالم يعيش داخل “فقاعة ذهبية” عمرها ستة آلاف عام، وإن الوقت قد حان لتصحيح هذا الخطأ التاريخي.

ففي عام 2009 كتب بوتر أن الذهب لا يملك قيمة حقيقية تُذكر، وأن سعره آنذاك (1,109 دولارات للأونصة) يعكس تضخيمًا وهميًا لا أكثر. واليوم، بعد ارتفاعه بأكثر من 50% منذ بداية هذا العام وتجاوزه 4,000 دولار للأونصة، يرى أن الفقاعة بلغت ذروتها وأن البنوك المركزية ترتكب خطأ فادحًا بالاحتفاظ به كأصل استثماري.

ذهب وبِتكوين: وجهان لعملة واحدة؟

يقارن الكاتب بين الذهب والبيتكوين باعتبارهما ملاذين لمن يخشون تدهور قيمة العملات الورقية. فكلاهما يعاني من تقلّبات حادة، وإن كانت عملة البيتكوين أكثر تطرفًا؛ إذ ارتفع سعرها من 20 سنتًا عام 2009 إلى أكثر من 122 ألف دولار حاليًا، قبل أن تشهد انهيارات بلغت 74% خلال عام واحد (بين 2021 و2022).

أما الذهب، فقد سجّل أكبر انخفاض نسبي في العقدين الأخيرين بنسبة 44% بين عامي 2011 و2015.

ويرى بوتر أن الذهب مثل البيتكوين، لا يمتلك قيمة ذاتية حقيقية. فبينما قد تُستخدم العملات الرقمية كوسيلة للدفع، يبقى الذهب عديم الفائدة في هذا المجال، خاصة في عصر العملات الرقمية للبنوك المركزية والعملات المستقرة Stablecoins.

الطلب الاستهلاكي وهمٌ استثماري

يبلغ إجمالي مخزون الذهب فوق سطح الأرض نحو 216,265 طنًا حتى نهاية عام 2024.

45% منه (97,149 طنًا) في صورة مجوهرات،

22% في شكل استثمارات (سبائك وعملات وصناديق مؤشرات)،

17% ضمن احتياطات البنوك المركزية،

15% في الاستخدامات التكنولوجية والطبية.

لكن الكاتب يؤكد أن معظم الطلبعلى الذهب في قطاع المجوهرات هو طلب استثماري متنكر، مدفوع بالرغبة في التحوّط لا بالاستهلاك الفعلي. حتى الطلب الصناعي — في الإلكترونيات أو طب الأسنان — لا يبرر التكلفة العالية لاستخراج الذهب وتخزينه وتأمينه، إذ تبلغ التكلفة الإجمالية للطن الواحد نحو 1,500 دولار بحسب مجلس الذهب العالمي.

“نستخرجه من باطن الأرض… ثم نعيد دفنه”

يصف بوتر المفارقة بمرارة:

“يُستخرج الذهب من تحت الأرض بتكلفة مادية ضخمة، ثم يُحوّل إلى سبائك، ليُعاد تخزينه تحت الأرض بتكلفة إضافية!”

ويشير إلى أن العالم ينتج سنويًا نحو 5,000 طن من الذهب — أي “إهدار هائل للموارد” — رغم أن الاحتياطات العالمية القابلة للاستخراج تبلغ 54,770 طنًا فقط.

ويخلص إلى أن الاستراتيجية الاقتصادية الوحيدة المعقولة هي ترك الذهب في باطن الأرض بدلًا من استخراجه وتخزينه بلا جدوى.

الذهب أصل باهظ وعديم الإنتاجية

صحيح أن تداول المشتقات المالية خفّض تكلفة التعامل مع الذهب كأصل، وأن تقنيات البلوكشين قد تسهّل تداوله رقميًا في المستقبل، إلا أن المشكلة الجوهرية تظل كما هي:

“الذهب باهظ الاستخراج، باهظ التخزين، وعديم العائد الحقيقي.”

ويرى الكاتب أن العالم أسير لفكرة قديمة تعود إلى عصر معيار الذهب، عندما كانت العملات تُربط بالمعدن الأصفر. واليوم، يواصل صُنّاع السياسات المالية الوقوع في الفخ نفسه، إذ زادت البنوك المركزية احتياطاتها من الذهب بأكثر من 1,000 طن سنويًا منذ عام 2022، حتى أصبح يشكل 20% من إجمالي الاحتياطيات الرسمية — أي أكثر من حصة اليورو نفسها (16%).

الدعوة إلى “التحرر من الوهم”

يؤكد بوتر أن البنوك المركزية لا ينبغي أن تستثمر في سلعة واحدة، خصوصًا إذا كانت عديمة القيمة الجوهرية ومرتفعة المخاطر مثل الذهب.

أما الأفراد والمستثمرون فينبغي أن يتعاملوا معه باعتباره أصلًا مضاربيًا لا أكثر — استثمارًا يمكن أن يُفقد صاحبه معظم قيمته أو كلها.

ويختم قائلاً:

“على البنوك المركزية أن تبيع أكبر قدر ممكن من الذهب إلى أولئك الذين ما زالوا يعتقدون أنه يستحق الاحتفاظ به

اقرأ أيضاً:

ترامب يلوّح بفرض رسوم “ضخمة” على الصين وسط تصاعد الخلاف حول المعادن الحيوية

يارا حمادة

يارا حمادة صحفية مصرية تحت التدريب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى