تقرير الجارديان: انتهت! انتهت! _ الغزيون يحتفلون بالهدنه لكن الخوف من المستقبل مازال يخيم على النفوس

كاتب فلسطيني من غزة يروي مشاعر الفرح الحذر بعد إعلان المرحلة الأولى من خطة السلام التي أعلنها ترامب
كتب الصحفي والناشط الفلسطيني حسن أبو قمر في مقال مؤثر نشرته صحيفة الجارديان البريطانية أن سكان غزة استيقظوا صباح الخميس على أول خبر مفرح منذ سنوات طويلة: إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس ضمن المرحلة الأولى من خطة السلام التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
لكن رغم مشاهد الفرح في الشوارع، فإن الخوف والشك ما زالا يسيطران على الناس — خوف من أن يكون هذا السلام مؤقتًا، وأن تعود الحرب في أي لحظة.
فرحة حذرة في صباح مختلف
يقول الكاتب:
“لم أستيقظ على أصوات القصف، بل على صوت أخي يصرخ: انتهت! انتهت! للحظة ظننت أنني أحلم. ثم قال لي إن ترامب أعلن أن إسرائيل وحماس وقعتا المرحلة الأولى من خطة السلام.”
ويضيف أن الهدنة دخلت حيّز التنفيذ عند الظهر، بينما ما زالت أصوات الطائرات الإسرائيلية تُسمع في السماء، لكنها هذه المرة لم تزرع الرعب كالمعتاد
تقتصر المرحلة الأولى من الاتفاق على تبادل الأسرى — حيث سيتم إطلاق سراح 20 أسيرًا إسرائيليًا مقابل ما يقرب من 1,950 فلسطينيًا، بينهم معتقلون لم توجه إليهم أي تهم منذ اعتقالهم خلال العامين الماضيين.
الناس بين الأمل والريبة
خرج أبو قمر إلى الشوارع ليرى الناس ويستمع إلى آرائهم، فوجد أن الجميع يحاول الاستمتاع بلحظة السلام القصيرة رغم الخوف من انهيارها.
يقول أحد أصدقائه:
“بعد تسليم الأسرى، ستجد إسرائيل ألف طريقة لتعذيبنا من جديد.”
بينما يضحك آخر قائلًا:
“لا يهمني شيء، أريد فقط أن أطبخ الدجاج وأن تصل أنابيب الغاز إلى البيت.”
ويعلق الكاتب أن الأمل في غزة صار بسيطًا للغاية — وجبة ساخنة، وقود للطبخ، وقسط من النوم الهادئ بلا قصف ولا دخان.
سلام هشّ فوق ركام الحرب
يشير التقرير إلى أن كثيرين في غزة يخشون أن تتكرر خديعة الهدنة السابقة، حين منعت إسرائيل دخول معدات إزالة الركام والمساكن المؤقتة، واستأنفت الهجمات بعد أسابيع قليلة.
ولا تزال الجيش الإسرائيلي يسيطر على نحو 55% من أراضي القطاع، مانعًا السكان في المناطق الحدودية من العودة إلى منازلهم أو إلى ما تبقى منها.
ورغم توقف القتال، ما زالت مدن بأكملها مثل رفح وبيت حانون تحت الاحتلال المباشر، ويأمل الناس أن تشملها المراحل اللاحقة من الاتفاق بانسحاب الجيش الإسرائيلي.
خطر السياسة في إسرائيل
تقول الجارديان إن الهدنة لا تعتمد فقط على البنود الموقعة، بل على الصراعات السياسية داخل إسرائيل نفسها.
فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يواجه ضغوطًا هائلة من حلفائه في اليمين المتطرف مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، الذين يرون أي هدنة “خيانة” ويهددون بإسقاط حكومته إن استمر في المسار الدبلوماسي.
وتضيف الصحيفة أن نتنياهو، المحاصر بقضايا فساد قد تُدخله السجن إن خسر السلطة، يوازن بين ضغط داخلي يدفعه لاستمرار الحرب وضغط دولي يدعوه للسلام.
في المقابل، تمارس واشنطن والعواصم العربية والإسلامية ضغوطًا للإبقاء على الهدنة، بينما بدأت دول أوروبية تلمّح إلى عقوبات اقتصادية إذا عادت العمليات العسكرية.
ما بين الإغاثة والخوف
يرى الكاتب أن هذه الصفقة قد تكون بوابة لإنهاء الإبادة الجماعية أو مجرد ممر مؤقت نحو جولة جديدة من العنف، لكنّها في كل الأحوال منحت الناس تنفسًا مؤقتًا.
فدخول نحو 400 شاحنة إغاثة يوميًا قد يعيد الحياة إلى القطاع الصحي، وفتح معبر رفح في الاتجاهين قد يتيح للمرضى والطلبة والعائلات المشتتة فرصة للسفر والعلاج ولمّ الشمل.
خاتمة: أمل لا يخلو من الخوف
يختتم أبو قمر مقاله بالقول:
“لقد سرقت الحرب منا بيوتنا وأحباءنا، لكنها لم تسرق منا رغبتنا في الحياة. نريد فقط أن نشرب فنجان قهوة الصباح دون خوف.”
ويضيف أن أصوات الاحتفال ترتفع في الشوارع، والناس يرددون كلمة واحدة: “انتهت”، لكنه يعترف:
“أتمنى لو أستطيع أن أصدق ذلك تمامًا.”



