في قمة شرم الشيخ الأسبوع الماضي، ظهر دونالد ترامب أمام الكاميرات وهو في حالة من الابتهاج المفرط بالنفس، مقدّمًا نفسه كـ”منقذ غزة”، ومُحيّيًا من وصفهم بـ”الرجال الأقوياء” – ومن بينهم عبد الفتاح السيسي – الذين ساهموا معه في ترتيب اتفاق هش لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

مواجهة مرتقبة: ترامب في اختبار جديد أمام شي جين بينغ

لكن في وقت لاحق من هذا الشهر، سيواجه ترامب خصمًا أقوى وأقل خضوعًا: الزعيم الصيني شي جين بينغ. وفي سباق النفوذ بين الولايات المتحدة والصين على قيادة القرن الحادي والعشرين، يبدو أن شي يتقدم بخطوات سريعة، مستفيدًا من أخطاء ترامب المتكررة.

قيود صينية على المعادن النادرة تثير قلق الغرب

رغم وضوح الطابع التوسعي للنظام الصيني، ما زال الجدل قائمًا في واشنطن ولندن حول نوايا بكين. فبينما ينشغل السياسيون البريطانيون بالجدل حول ما إذا كانت الصين عدوًا أم فرصة استثمارية، كانت بكين تقدّم الإجابة بوضوح: فرض قيود صارمة جديدة على تصدير المعادن النادرة والمغناطيسات، وهي خطوة تعتبرها الدول الغربية عملاً عدائيًا متعمدًا.

أهمية المعادن النادرة في التكنولوجيا الحديثة

هذه المواد أساسية في صناعة الأجهزة الإلكترونية – من الهواتف إلى السيارات – فضلًا عن استخدامها في الأسلحة الحديثة مثل الصواريخ والطائرات المقاتلة والغواصات النووية والطائرات المسيّرة. وتشير التقارير إلى أن القيود الصينية قد تُعطل إمدادات الأسلحة الغربية لأوكرانيا، وتضعف الدفاعات ضد روسيا، حليفة بكين.

الصين تستخدم التجارة كسلاح سياسي

وعلى غرار ما فعلته واشنطن لعقود، تسعى الصين إلى فرض سيطرة خارج حدودها على استخدام هذه المواد في سلاسل التوريد الدولية، لتُظهر أنها قادرة على استخدام التجارة كسلاح سياسي. وعندما أعلن ترامب تهديده بفرض تعرفة جمركية بنسبة 100% وإلغاء لقائه مع شي، تراجع سريعًا بعد ذعر الأسواق، لكن حرب الرسوم المتبادلة استمرت.

شي جين بينغ: خطة مدروسة في مواجهة الفوضى الترامبية

في المقابل، يتحرك شي بخطة مدروسة وواثقة. فبينما يفتقر ترامب إلى رؤية أو استراتيجية، تُظهر الصين أنها مستعدة لخوض مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة. ويرى محللون أن شي لم يعد يتّبع سياسة الانتظار والترقب، بل انتقل إلى الهجوم، بعدما أدرك أن سياسات “أميركا أولاً” لترامب تعزل الولايات المتحدة وتضعف نفوذها الدولي.

تراجع النفوذ الأمريكي وتفكك التحالفات

تراجع الدور الأمريكي بات واضحًا في تفكك التحالفات الأوروبية والآسيوية، وفي العجز عن مواجهة الأنظمة الاستبدادية في روسيا وإسرائيل، إضافة إلى تراجع المساعدات الخارجية وتجاهل الأمم المتحدة والنظام الدولي.

الصين تملأ الفراغ العالمي بمبادرات استراتيجية

في هذا الفراغ، تتحرك الصين بسرعة. فبينما يرفع ترامب الرسوم الجمركية على العالم، تلغي بكين الرسوم على واردات إفريقيا، وتقدّم مبادرات مثل “التنمية العالمية” و”الأمن العالمي”، لتكسب دعم دول الجنوب العالمي.

الخسائر الأمريكية في الحرب التجارية

ويشير المقال إلى أن الولايات المتحدة تخسر حتى في الحرب التجارية: فقد تراجعت صادرات الصين إلى أمريكا بنسبة 27%، لكن صادراتها الإجمالية ارتفعت بنسبة 8.3%. في المقابل، فقد المزارعون الأمريكيون سوق فول الصويا الصيني لصالح البرازيل، فيما يعاني المستهلك الأمريكي من ارتفاع الأسعار مع اقتراب موسم الأعياد.

إقرأ أيضا:

السعودية والهند تبحثان تعزيز التعاون في مجالات البحث والابتكار