
فاينانشال تايمز : انتعاش محتمل للدولار الأمريكي قد يفاجئ الأسواق العالمية
وتشير المؤشرات الأخيرة إلى احتمال عودة قوية للدولار الأمريكي بعد عام اتسم بالضعف الحاد نتيجة سياسات التجارة العالمية التي انتهجها الرئيس دونالد ترامب.ورغم أن العملة الأمريكية ما زالت أضعف بنحو 9٪ مقارنة ببداية العام، فإن التحركات الأخيرة في الأسواق تعطي إشارات أولية على تعافٍ تدريجي قد يقلب موازين المحافظ الاستثمارية العالمية.
خلفية التراجع التاريخي
في النصف الأول من عام 2025، شهد الدولار أسوأ بداية سنوية منذ أكثر من نصف قرن، متأثرًا بالفوضى الناتجة عن الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضتها واشنطن.
وعلى عكس ما هو معتاد في أوقات الاضطراب، لم يتحرك الدولار صعودًا كملاذ آمن، بل تراجع بشدة، ما دفع المستثمرين إلى البحث عن بدائل أقل ارتباطًا بالسياسات الأمريكية.
خلال تلك الفترة، كشف بنك التسويات الدولية (BIS) أن حجم التداول في سوق العملات الأجنبية بلغ نحو 10 تريليونات دولار يوميًا في أبريل الماضي — أي بزيادة تقارب 30٪ عن عام 2022، ما يعكس حالة الهروب الجماعي من الدولار.
إشارات التعافي
منذ أواخر أبريل، بدأ الدولار يستقر تدريجيًا، وارتفع مؤشر DXY الذي يقيس قيمته أمام سلة من العملات بنحو 3٪ منذ مطلع سبتمبر.
يقول ستيف إنجلاندر، رئيس أبحاث العملات في ستاندرد تشارترد:
“نرى سيناريو يمكن فيه الحفاظ على تفوق الدولار عبر نمو سريع في الإنتاجية والأرباح، ما يجذب تدفقات رأسمالية قوية.”
ويرى محللون أن تحسن الإنتاجية في الاقتصاد الأمريكي قد يكون مقدمة لارتداد مفاجئ في قيمة الدولار، خاصة إذا ظلت الاقتصادات الأخرى تعاني من ضعف النمو.
العوامل العالمية المؤثرة
1. آسيا:
الين الياباني تراجع بشكل حاد منذ صعود ساناي تاكاييتشي إلى رئاسة الوزراء، ما زاد الغموض حول سياسات بنك اليابان وتوقيت رفع أسعار الفائدة، ودفع محللين في دويتشه بنك إلى التراجع عن توصيتهم السابقة بشراء الين.
2. أوروبا:
في المقابل، يعاني اليورو من اضطرابات سياسية مستمرة في فرنسا، أثرت سلبًا على الأسهم، فيما لا تزال الجنيه الإسترليني في حالة “جمود” بانتظار موازنة الشهر المقبل. هذه العوامل مجتمعة تجعل الدولار “القميص الأقل اتساخًا” في سوق العملات — أي الخيار الأفضل بين عملات تعاني جميعها من مشكلات.
العوامل الاقتصادية الأمريكية
التضخم التجاري الناتج عن الرسوم الجمركية لا يزال خطرًا كامنًا.
في حال عودته بقوة نهاية العام، قد يجد الاحتياطي الفيدرالي صعوبة في تنفيذ سلسلة خفض أسعار الفائدة المتوقعة.
هذا بدوره سيجعل الدولار أكثر جاذبية نسبيًا مقارنة بعملات ذات عوائد منخفضة.
كما أشار بنك جولدمان ساكس إلى ارتفاع الرهانات الإيجابية على الدولار خلال الأسابيع الأخيرة، ما رفع العملة إلى أعلى مستوياتها في شهرين.
السيناريوهات المحتملة
السيناريو الصاعد: استمرار تحسن الإنتاجية وثبات التضخم سيقودان إلى انتعاش مستدام للدولار.
السيناريو الضعيف: تدهور سوق العمل الأمريكي سيحد من أي صعود كبير.
السيناريو المتقلب: ارتفاع مؤقت يتبعه تراجع سريع مع أي تغير مفاجئ في السياسة النقدية أو البيانات الاقتصادية.
الخلاصة
رغم أن الدولار لا يزال في نطاق ضعيف تاريخيًا، إلا أن التعافي الطفيف الأخير قد يكون بداية دورة صعود جديدة، خصوصًا إذا استمر ضعف الين واليورو وتراجعت رهانات خفض الفائدة.
الأسواق العالمية تترقب الآن ما إذا كان هذا “الالتقاط الخفيف للأنفاس” سيستحيل إلى انتفاضة حقيقية للدولار قد تعيد تشكيل المحافظ الاستثمارية في نهاية عام 2025.



