عرب وعالم

جورج مونبيو: بريطانيا بحاجة عاجلة إلى دستور مكتوب قبل أن تسيطر عليها نزعات اليمين المتطرف

حذّر الكاتب البريطاني جورج مونبيو في مقال نشرته صحيفة الجارديان من أن غياب دستور مكتوب في المملكة المتحدة يمنح الأحزاب اليمينية المتشددة – مثل حزب ريفروم يو كيه (Reform UK) – حرية شبه مطلقة لتغيير شكل النظام السياسي البريطاني ونشر الانقسام في المجتمع، مشيرًا إلى أن الوقت قد حان لوضع “صمام أمان ديمقراطي” يمنع انزلاق البلاد نحو الاستبداد.

🇬🇧 ديمقراطية بلا دستور واضح

يقول مونبيو إن التجربة البريطانية مع “الدستور غير المكتوب” – الذي يتكون من مزيج من القوانين القديمة، والأعراف البرلمانية، والاتفاقات السياسية، والقرارات القضائية – خلقت نظامًا غامضًا يسمح للسياسيين الطامحين باستغلال الثغرات لمصالحهم.

ويضيف الكاتب:

“لفهم الحقوق والسلطات في بريطانيا تحتاج أن تكون أستاذًا في القانون الدستوري، فكل شيء غامض ومتداخل. وإذا لم تكن الديمقراطية مفهومة وواضحة، فهي ليست ديمقراطية.”

ويضرب مثالًا بقرارات سابقة مثل تعليق البرلمان الذي أقدم عليه بوريس جونسون عام 2019، ومحاولة توني بلير منع البرلمان من مناقشة غزو العراق عبر استخدام “الامتياز الملكي”، مشيرًا إلى أن هذه الحالات كشفت هشاشة النظام الدستوري البريطاني أمام سلطة رؤساء الوزراء.

 خطر “الاستبداد الانتخابي”

يرى مونبيو أن النظام البرلماني الحالي، حيث تملك الحكومة ذات الأغلبية صلاحيات واسعة، يجعل البلاد عرضة لما يسميه بـ”الديكتاتورية المنتخبة”، إذ يمكن لأي حكومة تمتلك أغلبية مريحة أن تغيّر القوانين أو تحدّ من الحريات العامة دون عوائق حقيقية.

ويحذر الكاتب من أن قادة حزب Reform UK، مثل ريتشارد تايس، يُبدون إعجابًا بأنظمة سلطوية كالإمارات، التي تمتدح فيها شريكته الصحفية إيزابيل أوكشوت “غياب الاحتجاجات” و”صرامة النظام الاجتماعي”، متجاهلة الانتهاكات بحق العمال المهاجرين وتجريم المثلية وغياب الحريات السياسية.

ويعلّق مونبيو ساخرًا:

“دبي جنة للأثرياء، وجحيم لكل من سواهم.”

ويشير إلى أنه في غياب دستور واضح، لا يوجد ما يمنع حكومة مستقبلية من تحويل المملكة المتحدة إلى نظام مشابه لدولة استبدادية.

 فرصة نادرة أمام حزب العمال

يرى مونبيو أن حزب العمال بقيادة كير ستارمر ساهم من دون قصد في تمهيد الطريق أمام صعود اليمين المتطرف، بسبب تبنيه مواقف متشددة تجاه الهجرة واللجوء. لكنه يؤكد أن الحزب يملك الآن فرصة تاريخية لصياغة دستور جديد يحمي الديمقراطية، بفضل أغلبيته الكبيرة في مجلس العموم (62% من المقاعد).

ويقترح الكاتب البدء بـ “مؤتمر شعبي لصياغة الدستور” على غرار تجربة آيسلندا، يشارك فيه المواطنون عبر حوارات مفتوحة في مختلف أنحاء البلاد، بما يعيد الثقة بين الناس والسياسة.

 الديمقراطية بحاجة إلى حماية

يختم مونبيو مقاله بالقول:

“الدستور لا يمنع الاستبداد تمامًا، لكنه يجعل مهمة الطغاة أصعب، ويمنحنا الأدوات اللازمة لمواجهتهم. الحفاظ على الوضع الحالي هو مشروع للنخبة، أما كتابة دستور واضح فهو عمل ديمقراطي بامتياز.”

اقراء أيضاً:

بوتين: روسيا لن تخضع للولايات المتحدة رغم «الخسائر المحتملة» بسبب العقوبات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى