الوكالات

«Avenger» تدخل عصر الليزر: خطوة أمريكية نحو الحرب الجوية الذكية

كشفت شركة General Atomics الأمريكية عن مفهومٍ تجريبي لدمج منظومة ليزر قتالية عالية الطاقة في مقدمة الطائرة المسيّرة MQ-20 Avenger، في خطوة تعتبر انتقالًا استراتيجيًا قد يغيّر ملامح الصراع الجوي. التصميم الجديد يتضمّن برجًا دوّارًا يشبه وحدات الاستشعار الكروية، لكنه مصمّم ليعمل كسلاح طاقة موجه بدلاً من مستشعر تقليدي. تهدف الشركة عبر هذا المشروع إلى منح الطائرة قدرة على الاشتباك الصامت والدقيق مع أهداف جوية وصاروخية دون الحاجة لاستخدام ذخائر تقليدية، ما يوفر سرعة استجابة وتكلفة لكل تصويب منخفضة مقارنة بالذخائر. ويطرح المشروع أسئلة تقنية واستراتيجية حول كيفية تمويله ودمجه في تكتيكات التحالفات الجوية المقبلة، ما يجعله محور نقاش داخل الصناعات العسكرية وصانعي القرار.

 

تفاصيل التصميم والمفهوم

 

النظام المقترح عبارة عن برج دوّار مركّب في مقدّمة الطائرة يشبه إلى حدّ كبير وحدات الاستشعار الكروية المستخدمة حاليًا، إلا أن الهدف منه ليس التصوير أو استشعار البيئة بل توجيه شعاع ليزر عالي الطاقة نحو الهدف. وصفت الشركة التصميم بأنه مفهومي وتجريبي في هذه المرحلة، مع إمكانية تحويله إلى نظام مستقل قابل للتركيب على منصات أخرى مثل MQ-9B أو Gray Eagle STOL، أو دمجه كخيار تسليحي ضمن عائلة Gambit القتالية. يتيح الموقع الأمامي للبرج زاوية رؤية واسعة وإمكانية استهداف متعددة الاتجاهات، لكنه يطرح تحدّيات تتعلق بالتبريد، وإمداد الطاقة، وحماية الأنظمة الحساسة من العوامل البيئية والاهتزازات أثناء الطيران، ما يستلزم حلولًا هندسية متقدمة لضمان الموثوقية.

 

التصريحات الرسمية وخريطة التمويل

 

في تصريحات رسمية، قال مارك برينكلي المتحدث باسم General Atomics إن الشركة تستثمر مواردها الخاصة لتطوير تقنيات الطائرات المسيّرة وأنظمة الطاقة الموجّهة معًا، مشيرًا إلى أن النموذج النهائي قد يظهر بأشكال متعددة بحسب متطلبات المستخدم والتمويل المتاح. وأضاف أن المشروع جزء من خطة استثمار طويلة الأمد تهدف إلى دمج القدرات التكتيكية للطائرات غير المأهولة مع مزايا أسلحة الطاقة الموجّهة، مشددًا على أهمية التعاون مع جهات مختبرية وحكومية لتسريع مراحل الاختبار والتأكد من الامتثال لمتطلبات السلامة. ولم تكشف الشركة عن معايير قوة الليزر أو جداول زمنية واضحة للتجارب الميدانية، مؤكدةً أن التمويل الحكومي والطلب العسكري سيحددان وتيرة التطوير.

 

القدرات المتوقعة ومحددات الأداء

 

تتميز منصة MQ-20 Avenger بمحرك نفاث وتصميم منخفض البصمة الرادارية، ما يجعلها مناسبة لتجربة توظيف أسلحة الطاقة الموجّهة. وتتضمن القدرات المتوقعة استخدام الليزر لتمييع أو تحييد أهدافٍ متنوعة تشمل الطائرات المسيّرة المعادية، صواريخ كروز، وربما استهداف منصات مأهولة في ظروف محددة وشديدة الحساسية إن اقتضت الضرورة. وتشتهر أسلحة الليزر بسرعة استجاباتها شبه الفورية وانخفاض تكلفة الطلقة مقارنةً بالذخيرة التقليدية، كما أنها تُمكن من إحداث أضرار دقيقة قد تقلّل من الأضرار الجانبية. ومع ذلك فإن العوامل البيئية مثل الضباب والأمطار قد تحدّ من مدى الليزر الفعّال، ما يتطلّب دراسات تشغيلية دقيقة لتحديد نطاقات الأداء.

 

الأهمية العملياتية والتكامل التكتيكي

 

من الناحية العملياتية، يَعِد الدمج بين Avenger وأنظمة الليزر بتحقيق مرونة تكتيكية جديدة في مهام الدفاع الجوي والهجوم عن بُعد، إذ يمكن للطائرة تنفيذ مهمات في بيئات عالية الخطورة دون تعريض طائرات مأهولة أو استخدام ذخائر باهظة التكلفة. كما قد تعمل هذه المنصات كمرادفٍ مقاتل ضمن مفهوم “الرفيق المخلص” (Loyal Wingman)، مرافقًا للطائرات المأهولة لتوسيع نطاق الوعي والقدرات القتالية. ومع ذلك، يبقى التساؤل حول مدى الاعتماد على تقنيات الطاقة الموجّهة في ساحات العمليات الحقيقية، حيث إن التكامل بين أنظمة الليزر ومنصات الاستشعار وشبكات القيادة والتحكم سيحدد الفارق بين مفهومٍ طموح وقدرة عملياتية متكررة وموثوقة.

 

آفاق وتداعيات

 

يمثل دمج أسلحة الليزر في منصة Avenger تطورًا تقنيًا مهمًا قد يغيّر من قواعد الاشتباك الجوي ويعزّز من قدرات الردع والدفاع عند الدول التي تتبناه. بيد أن طريق الانتقال من مفهوم تجريبي إلى قدرة عملياتية معتمدة طويل ومعقّد؛ إذ يتطلّب حلّ قضايا مثل مصادر الطاقة المحمولة على الطائرة، نظم التبريد الفعّالة، والموثوقية تحت ظروف التشغيل الحقيقية. علاوةً على ذلك، قد يُثير انتشار أسلحة الطاقة الموجّهة قضايا قانونية وأخلاقية حول قواعد الاستخدام والتصعيد، فضلاً عن تأثيرها على ميزان القوة والتكتيكات المستعملة في الحروب الجوية المستقبلية. مؤثر.

اقرأ أيضاً

«400 قناة ووفود أجنبية».. العالم يترقب افتتاح المتحف المصري الكبير

رحمة حسين

رحمة حسين صحفية ومترجمة لغة فرنسية، تخرجت في كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية وآدابها بجامعة عين شمس. تعمل في مجال الصحافة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب عملها في الترجمة من الفرنسية إلى العربية. تهتم بقضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ولها كتابات مؤثرة في هذا المجال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى