بريطانيا تشدّد تصنيف وثائق التجارة لحمايتها من أعين واشنطن
رسائل سرية في زمن الرسوم: بريطانيا في ظل تصاعد الحرب التجارية التي يقودها ترامب، لندن تتخذ خطوات أمنية لحماية مفاوضاتها الاقتصاديةتتحوّط من شريكها الأميركي

كشفت صحيفة The Guardian في تقرير حصري نُشر في 17أبريل 2025، أن الحكومة البريطانية شدّدت إجراءات الأمن الخاصة بتداول الوثائق التجارية الحساسة، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى حمايتها من الوصول إلى أطراف أميركية، وسط تصاعد التوترات التجارية مع إدارة الرئيس دونالد ترامب. ويعكس هذا التحرك تدهورًا واضحًا في ما يُعرف بـ”العلاقة الخاصة” بين واشنطن ولندن، نتيجة سياسة ترامب الحمائية التي فرضت تعريفات جمركية واسعة على صادرات بريطانية، بما في ذلك السيارات والصلب. ووفق مصادر مطلعة، شملت الإجراءات الجديدة إعادة تصنيف عدد من الوثائق بدرجات سرية أعلى، وفرض قيود صارمة على تداولها الرقمي، ما يشير إلى تصاعد القلق داخل لندن بشأن نوايا الإدارة الأميركية تجاه شركائها التقليديين.
تصعيد أمني في قلب “العلاقة الخاصة”
بحسب مصادر مطلعة، قامت الجهات الرسمية البريطانية — بما في ذلك موظفو مكتب رئيس الوزراء ووزارات الخارجية والتجارة — بإعادة تصنيف عدد من الوثائق المتعلقة بالمفاوضات التجارية، لتصبح “سرّية” أو “بالغة السرية”، وذلك بهدف تقليص خطر التجسس أو الاعتراض الإلكتروني من الجانب الأميركي.
ويُعتبر هذا التحول إشارة واضحة إلى تآكل الثقة ضمن ما يُعرف تقليديًا بـ”العلاقة الخاصة” بين لندن وواشنطن، والتي لطالما ارتكزت على شراكة استخباراتية وتجارية وثيقة.
موقف حكومي مزدوج: حذر أمني وسعي لاتفاق
رغم هذه الإجراءات، لم تتخلَّ حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر عن هدفها الاستراتيجي بإبرام اتفاق تجارة مع الولايات المتحدة. وفي الوقت الذي امتنعت فيه لندن عن الرد بالمثل على الرسوم الأميركية — التي شملت 25% على السيارات والفولاذ البريطاني، و10% على السلع الأخرى فضّلت تقديم تنازلات في ملفات مثل الضرائب الرقمية والزراعة.
نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، صرّح مؤخرًا بأن “فرصة التوصل إلى اتفاق تجاري مربح للطرفين ما زالت قائمة”، مضيفًا أن “الروابط الثقافية بين البلدين تجعل من هذا الهدف قابلًا للتحقق”.
تأهب داخل القطاع الخاص وتحذيرات من “الاختراق الأميركي”
شمل التحول في الإجراءات الأمنية أيضًا شركات خاصة لها مصالح كبيرة في السوق البريطانية، لا سيما في قطاعات الصناعات الدوائية والسيارات. وقد طُلب من هذه الشركات اتخاذ احتياطات إضافية عند تبادل المعلومات مع الجهات الحكومية، خصوصًا ما يتعلق بالتفاصيل الحساسة لمجريات التفاوض.
في المقابل، أظهرت تقارير أخرى أن الاتحاد الأوروبي اتخذ هو أيضًا إجراءات احترازية مشابهة، حيث بدأ بتزويد موظفيه المتوجهين إلى الولايات المتحدة بهواتف مؤقتة (burner phones) تجنبًا لاختراق محتمل.
هل تبقى “العلاقة الخاصة” صامدة أمام موجة الحمائية؟
التوترات التجارية ليست الوحيدة التي تُهدد العلاقة البريطانية–الأميركية، إذ تتصاعد الأسئلة داخل الأوساط السياسية حول مستقبل التعاون في مجالات الدفاع والسياسة الخارجية، وسط اختلافات متزايدة بشأن الموقف من روسيا وحلف الناتو.
وفي هذا السياق، يستمر ترامب في فرض تعريفات جمركية مرتفعة على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، مما دفع الصين لرفع رسومها على الواردات الأميركية إلى 125%، في حين علّقت المفوضية الأوروبية ردها حتى يوليو، على أمل تهدئة السوق.