عربي وعالمي

هل تغير باكستان موقفها من إيران؟.. خبير يشرح الخلفيات والتحديات الإقليمية

باكستان ترفض الهجوم على إيران.. موقف عابر أم بداية مراجعة استراتيجية شاملة؟

 

في ضوء بيان باكستان الأخير الرافض للهجوم الإسرائيلي على إيران، وما تبعه من تكهنات حول تغيّر محتمل في سياسة إسلام آباد الخارجية، تواصلنا مع د. أحمد سلطان، الباحث في الأمن الإقليمي والإرهاب، لتحليل هذا الموقف وتفسير أبعاده الإقليمية والدولية.

س: هل يعكس بيان باكستان الأخير بشأن إيران تحولًا استراتيجيًا في موقفها؟

ج: لا أراه تحولًا استراتيجيًا، بل هو رد فعل ظرفي مرتبط بالسياق الإقليمي. هناك تصعيد كبير بين إسرائيل وإيران، والهند تلعب دورًا مهمًا هنا باعتبارها شريكًا استراتيجيًا لإسرائيل، والصناعات الدفاعية الإسرائيلية حاضرة بقوة في السوق الهندي. لذا فإن باكستان تتعامل من منطق توازن القوى التقليدي.

كما أن إسرائيل ترى في البرنامج النووي الإيراني تهديدًا مباشرًا، وإذا زال هذا التهديد فقد تنتقل الضغوط نحو باكستان نفسها باعتبارها تملك سلاحًا نوويًا، خصوصًا مع تقارب الهند من الغرب، وتراجع الأهمية التقليدية لباكستان بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.

س: كيف تفسر صمت بعض الدول الإسلامية تجاه الحرب بين إيران وإسرائيل؟ هل للمذهب دور؟

ج: الدوافع المذهبية تراجعت بشكل ملحوظ، ولم يعد لها ذات التأثير السابق. ما نشهده حاليًا هو حسابات سياسية دقيقة. وعلى عكس ما يُشاع، بعض الدول مثل السعودية أعربت عن رفضها للهجوم الإسرائيلي، حيث تواصل وزير خارجيتها مع نظيره الإيراني في هذا السياق. يمكن القول إن دول المحور السني المعتدل تعيد تعريف أولوياتها وتتحرك وفق مصالح استراتيجية لا مذهبية.

س: هل يمكن أن تستثمر الحركات الإسلامية هذا البيان في إعادة طرح خطاب “وحدة الأمة”؟

ج: صعب جدًا. الحركات الإسلامية تمر بأزمات عميقة، سواء على المستوى الفكري أو التنظيمي. خطاب “وحدة الأمة” كان ممكنًا في سياقات سابقة، أما اليوم فليس له جمهور حقيقي، كما أن دعم هذه الحركات قد يستفز دولًا إقليمية، وهو ما لا تريده لا إيران ولا باكستان. ربما تُستخدم بعض الرموز أو التصريحات، لكن لا أتوقع تأثيرًا فعليًا.

س: هل من الممكن أن يشكّل هذا الموقف نواة لتحالف جديد بين باكستان وتركيا وإيران؟

ج: السياق الإقليمي لا يدعم هذا التصور. تركيا وإيران تتنافسان منذ زمن بعيد على الزعامة الإقليمية، وهناك تعارض في استراتيجياتهما. المطلوب الآن هو توازن قوى، لا تحالف بين قوى متنافسة. لا أعتقد أن محورًا إسلاميًا بهذا الشكل قد يتشكل، على الأقل في الوقت الراهن.

س: ما أبرز التحديات التي تواجه أي تحرك جماعي إسلامي في المرحلة الحالية؟

ج: أبرز التحديات هي غياب الإرادة السياسية، وتحول التحالفات، وتقاطع المصالح مع القوى الكبرى. أما التحديات الفكرية، فهي قابلة للتجاوز إذا توفر قرار سياسي حقيقي. رأينا نماذج لذلك في تغير مواقف عدد من الدول في السنوات الأخيرة.

يبقى بيان باكستان مؤشرًا سياسيًا مهمًا، لكنه لا يرقى إلى مستوى التغيير الجذري في الاستراتيجية. التحولات في الإقليم معقدة، ومواقف الدول تُصاغ وفق توازنات دقيقة، لا وفق شعارات عامة. وفي ظل هذه التوازنات، تظل التحالفات التقليدية قيد المراجعة، لكن دون قفزات مفاجئة.

رجاء رضا

رجاء رضا بكالوريوس إعلام – جامعة القاهرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى