بدأت منصات التواصل الاجتماعي الصينية، بما في ذلك تطبيقا “وي شات” (WeChat) و**”Douyin”** (النظير الصيني لتطبيق “تيك توك”)، بتطبيق ميزات جديدة التزامًا بقانون جديد صدر يوم الاثنين، يفرض وضع علامات واضحة على المحتوى المُولَّد باستخدام الذكاء الاصطناعي.
ويهدف هذا الإجراء إلى تعزيز الشفافية والحد من التضليل الرقمي، في وقت تتصاعد فيه المخاوف العالمية من الاستخدامات غير المشروعة أو المضلّلة لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
الجهات المنظمة: حملة رقابة مشددة على الذكاء الاصطناعي
والقانون الجديد تم إعداده من قبل هيئة الفضاء الإلكتروني الصينية (CAC)، وهي الجهة العليا المنظمة للإنترنت في البلاد، بالتعاون مع كل من وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات، ووزارة الأمن العام، والهيئة الوطنية للإذاعة والتلفزيون.
يُعد هذا القانون جزءًا من حملة تنظيمية أوسع تُعرف باسم “تشينغلانغ 2025” (الوضوح والإشراق)، وتهدف إلى تنظيف الفضاء الرقمي من المعلومات المضللة والمحتوى غير الأخلاقي، بالإضافة إلى ضبط استخدامات الذكاء الاصطناعي، خاصة في مجالات الإعلام والتواصل الاجتماعي.
“وي شات”: لا تساهل مع التلاعب أو الإخفاء
في منشور نُشر يوم الأحد، أوضحت شركة Tencent المالكة لتطبيق “وي شات”، أن منصتها “تحظر بشدة حذف أو التلاعب أو إخفاء العلامات التي تشير إلى أن المحتوى تم إنتاجه بواسطة الذكاء الاصطناعي”.
كما أكدت الشركة أنها ستتخذ إجراءات صارمة ضد استخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج أو نشر معلومات زائفة، محتوى غير قانوني، أو أنشطة تضر بالنظام العام.
هذا الإعلان يُعد إشارة قوية إلى تصعيد الجدية في الرقابة الرقمية، خصوصًا مع الانتشار المتزايد لأدوات توليد النصوص والصور والفيديوهات عبر الذكاء الاصطناعي، والتي قد تُستخدم لتزييف الواقع أو تضليل الجمهور.
“Douyin” تعتمد علامات مرئية وتتبع البيانات الوصفية
أما تطبيق “Douyin”، التابع لشركة ByteDance (وهي الشركة نفسها التي تملك “تيك توك” العالمي)، فقد أعلن يوم الاثنين عن تشجيعه للمبدعين على وضع علامات واضحة ومرئية على أي محتوى يُنتج باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأضافت المنصة أنها بدأت استخدام البيانات الوصفية (Metadata) لتتبع مصدر المحتوى، مما يسمح بالتحقق من أصالته، وتحديد ما إذا كان تم إنشاؤه بشكل تلقائي أم لا.
ويُذكر أن Douyin يتمتع بقاعدة ضخمة من المستخدمين، تُقدّر بـ 766.5 مليون مستخدم نشط شهريًا، مما يجعله من أبرز المنصات المؤثرة في الصين، وبالتالي فإن قراراته التنظيمية تُعد نموذجًا يُحتذى به من باقي المنصات المحلية.
توجه أوسع: امتثال جماعي لمنصات التواصل الصينية
لم تقتصر الإجراءات على “وي شات” و”Douyin”، حيث أصدرت العديد من المنصات الاجتماعية الكبرى في الصين بيانات مماثلة، تؤكد فيها التزامها بالقانون الجديد وتطبيقه الصارم خلال الأيام المقبلة.
ويبدو أن السلطات الصينية تسعى لفرض معايير موحّدة لتعامل الشركات الرقمية مع الذكاء الاصطناعي، خاصة في ظل تنامي دوره في إنتاج الأخبار، والتسويق، والتأثير على الرأي العام.
تنظيم أم تقييد؟ نظرة مستقبلية
رغم أن الإجراءات تُقدَّم على أنها خطوة لحماية المستخدمين ومكافحة التضليل، إلا أن هناك من يرى أنها قد تُستخدم أيضًا كوسيلة لتوسيع الرقابة على المحتوى، وتحجيم حرية التعبير في الفضاء الرقمي الصيني.
وفي ظل هذا الجدل، تُعد الصين من أولى الدول التي تفرض قوانين شاملة تُلزم المنصات بوضع علامات إجبارية على المحتوى المُولّد بالذكاء الاصطناعي، وهو ما قد يشكل نموذجًا مستقبليًا تنظر فيه دول أخرى تبحث عن توازن بين الابتكار والتنظيم.
اقرأ أيضاً:
مسؤول: الصين تهدف لتحقيق اختراقات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاعات رئيسية
