وزير الخارجية الإيراني: اسرائيل نسفت الدبلوماسية..وأمريكا لا تزال تملك فرصه إنقاذها
"فرصة أخيرة للسلام قبل الانهيار

في مقال شديد اللهجة كتبه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وجّهه مباشرة إلى الإدارة الأمريكية والرأي العام الغربي، اتهم فيه إسرائيل بتقويض جهود دبلوماسية نادرة كان من الممكن أن تؤدي إلى انفراجة تاريخية بين طهران وواشنطن. ورغم الضربات التي تلقتها إيران، فإن عراقجي أكد أن بلاده لا تزال منفتحة على الحوار، شرط أن يكون قائماً على الاحترام المتبادل بعيداً عن الإملاءات والابتزاز بالقوة.
بداية واعدة وخراب مفاجئ
بحسب عراقجي، فإن جولات الحوار الأخيرة التي جمعته بالمبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف كانت مثمرة إلى درجة غير مسبوقة، إذ أنجز الطرفان في خمس لقاءات فقط، خلال تسعة أسابيع، ما عجزت عنه مفاوضات استمرت لأربع سنوات في عهد إدارة بايدن. بل كان الطرفان على وشك الإعلان عن اتفاق كبير يتناول قضايا حساسة مثل تخصيب اليورانيوم، ورفع العقوبات، وفتح آفاق تعاون اقتصادي بمليارات الدولارات، عندما باغتت إسرائيل الجميع بشنّ هجوم جوي واسع النطاق على إيران.
ضربة إسرائيلية نسفت التفاهمات
الهجوم الإسرائيلي، الذي طال منشآت نووية، ومستشفيات، ومساكن، وسجون، وحتى عائلات أكاديميين، جاء قبل 48 ساعة فقط من اجتماع كان يُفترض أن يكون حاسماً في مسار التفاوض. ويصف عراقجي هذا الهجوم بأنه “خيانة سافرة للدبلوماسية”، ويعتبر أن الرسالة كانت واضحة: إسرائيل لا تريد اتفاقاً، بل تسعى لإفشاله بكل السبل.
التذرع بالخطر النووي الإيراني: أكذوبة مفضوحة
ينفي عراقجي مجدداً المزاعم الإسرائيلية بأن طهران تسعى لامتلاك سلاح نووي، ويشير إلى التزام إيران بمعاهدة عدم الانتشار النووي، وخضوع منشآتها للتفتيش الدولي. ويضيف: “ما قامت به إسرائيل ليس دفاعاً، بل عدوان سافر أجبرنا على الرد”.
إيران: ضبط النفس لا يعني الضعف
في موقف يعكس مزيجًا من التهديد والاحتواء، يؤكد عراقجي أن إيران تعمدت عدم الانجرار إلى حرب شاملة، لكنها لن تتردد مستقبلاً في الدفاع بقوة عن أراضيها. ويضيف أن ضبط النفس الإيراني يجب ألا يُفسَّر على أنه تراجع أو ضعف، مشيراً إلى أن لدى إيران “قدرات حقيقية” لم تستخدمها بعد.
الثقة مكسورة.. فهل من فرصة لإنقاذ ما تبقى؟
ورغم أن طهران تلقت خلال الأيام الماضية رسائل غير مباشرة تفيد باستعداد واشنطن للعودة إلى طاولة التفاوض، فإن عراقجي يتساءل بمرارة: كيف يمكن الوثوق بأمة ألغت من طرف واحد اتفاق 2015، ثم سمحت لنفسها أن تشارك في قصفنا مجدداً رغم مفاوضات حساسة كانت جارية؟
مفاوضات في ظل القصف: وصفة للفشل
يرى عراقجي أن أي مفاوضات تُجرى تحت تهديد السلاح أو وسط قرقعة الحرب ستكون محكومة بالفشل منذ البداية. ويحمّل إسرائيل مسؤولية نسف فرص السلام، ويدعو واشنطن إلى عدم السماح لـ”طرف ثالث لا يشاركها المصالح” بالتحكم في قرارها السيادي.
الإيرانيون لا يرضخون
بخطاب وطني حاد، يذكّر وزير الخارجية بتاريخ إيران الطويل في مواجهة الغزاة، ويقول إن الشعب الإيراني لم ولن يرضخ لأي قوة، بل يزداد توحداً كلما اشتدت عليه الضغوط. ويضيف: “علماؤنا الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى… وكل قطرة دم سالت جعلتنا أكثر عزماً على الحفاظ على سيادتنا”.
من “أمريكا أولاً” إلى “إسرائيل أولاً”
يختم عراقجي مقاله بتحذير لواشنطن من أن سياسة “أمريكا أولاً” قد تم اختطافها وتحويلها إلى “إسرائيل أولاً”، على حساب الأرواح الأمريكية والاقتصاد الأمريكي نفسه. ويدعو الشعب الأمريكي إلى مساءلة حكومته: لماذا نُقاد إلى حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل؟ ولماذا نسمح لحليف أجنبي أن يجرنا إلى الهاوية؟
خلاصة:
المقال الإيراني ليس مجرد خطاب دعائي، بل هو رسالة مباشرة وصريحة إلى واشنطن: الفرصة لم تُغلق تماماً، لكن الوقت يضيق، والثقة تآكلت، واستمرار الضغوط قد يؤدي إلى انفجار إقليمي لا يمكن احتواؤه.
السؤال الآن: هل تملك الإدارة الأمريكية الشجاعة الكافية لتغيير المسار؟